طبيعة الإنسان: صالحة لفعل الخير، كما هى صالحة للركون إلى الشر.
يقول تعالى: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (7) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (الشمس: 7 - 8).
ومع ذلك فإن الدارس لكتاب الله- عز وجل- يستطيع أن يستنتج أن الميل إلى الخير هو الجانب الأغلب فى هذه الطبيعة، وأنها لو تركت وشأنها دون أن تتكالب عليها عوامل الفساد لما حادت عن الطريق المستقيم.
يشير إلى ذلك قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ (الروم: 30).
وعوامل الفساد والشر التى تخرج الإنسان عن طبيعته هذه كثيرة (?).
منها: ما يكمن فى نفس الإنسان، ويتمثل فى الميول التى تمكنت بفعل الزمن وتأثير البيئة، حتى صارت جزءا من طبيعته، يصدر عنها كثير من تصرفاته.
وفى الحديث الشريف الصحيح ما يوضح ذلك، يقول صلّى الله عليه وسلّم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه» (?).
ومنها: ما يأتيه من خارج نفسه، ويتزعمها إبليس وأعوانه، ذلك المخلوق، الذى أقسم أن يكرس حياته لإيقاع آدم وأبنائه فى معصية الله، والذى قال: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (الأعراف: 16 - 17).
والإنسان بين هذا وذاك يقاوم ويقاوم لتتغلب طبيعته الخيرة على هذه العوامل، إلا من خرج من رحمة الله، وعاش عبدا لهواه والشيطان.
بمعنى أنه يعرف ربه وخالقه، لا يغيب عنه ذلك، حتى وإن تغافل أو غفل أحيانا وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (الزخرف: 9).
ولئن عبت على الكفار منهم عبادة الأصنام: أجابوك بلهجة المتدين؛ حيث يقولون: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى (الزمر: 3).
والإنسان المؤمن: سعيد بتدينه، يعيش فى ظلاله، ويتمسك بأهدابه، ولسان حاله ومقاله يهتف بقوله تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي