الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (السجدة: 28، 29) قال مجاهد: الفتح: يوم القيامة، ويروى أن المؤمنين قالوا: سيحكم الله- عز وجل- بيننا يوم القيامة، فيثيب المحسن ويعاقب المسيء، فقال الكفار على الاستهزاء:
متى يوم الفتح هذا؟
أصل الفتن: إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته. وعلى هذا فالفتن: الإحراق بالنار، يقول تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (الذاريات: 13)، ولأن الفتن، وهو الإحراق بالنار عذاب؛ كانت الفتنة عذابا، يقول تعالى: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (الذاريات: 14).
والفتنة من الأفعال التى تكون من الله تعالى، والتى تكون من العبد. فإذا كانت من الله تعالى، كانت على وجه الحكمة، يقول تعالى: وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ (الفرقان: 20). وإذا كانت من العبد- بغير أمر الله- كانت بضد ذلك، يقول تعالى: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ (التوبة: 48)؛ ولهذا: يذم الله الإنسان بأنواع الفتنة فى كل مكان وزمان، مثل: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (البروج: 10).
وقد تعددت معانى (الفتنة) فى القرآن الكريم، ومن ذلك، أن (?):
الفتنة: بمعنى العذاب بالإحراق، كما فى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ (البروج: 10).
والفتنة: بمعنى الضلال والإثم، كما فى قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا (التوبة: 49).
والفتنة: بمعنى الكفر، كما فى قوله تعالى:
وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (البقرة: 191).
والفتنة: بمعنى الفضيحة، كما فى قوله تعالى: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً (المائدة: 41) أى: ومن يرد الله فضيحته.
والفتنة: بمعنى القتل، كما فى قوله تعالى:
فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ (يونس:
83) وكما فى قوله: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا (النساء: 101).