فكأن قلوبهم تبلغ حناجرهم من شدة الخوف ويبقوا كاظمين ساكنين عن ذكر ما فى قلوبهم من شدة الخوف، ولا يكون لهم حميم ولا شفيع يدفع ما بهم من أنواع الخوف والقلق.
وعليه: ف يَوْمَ الْآزِفَةِ فى آية غافر:
يوم الموت، وأَزِفَتِ الْآزِفَةُ فى آية النجم:
اقتربت المنية.
ذكرت هذه المادة فى القرآن الكريم: تسع مرات (1)، ويلاحظ: أنها جميعا وردت فى القسم المكى فى القرآن الكريم، وعلى ألسنة المشركين: يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (الأنعام: 25) يعنى: قريشا.
قال ابن مسعود: «قالوا: للنضر بن الحارث ..
ما يقول محمد؟ قال أرى تحريك شفتيه، وما يقول إلا أساطير الأولين، مثل ما أحدثكم عن القرون الماضية، وكان النضر صاحب قصص وأسفار، فسمع أقاصيص فى ديار العجم، فكان يحدثهم بها» (?).
والأساطير: جمع أسطورة، كأراجيح وأرجوحة. والمراد بها: الأباطيل، وهى: أحاديث لا نظام لها كتبت كذبا وزورا، فيما زعموا (?):
وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (الفرقان: 5). قال الزجاج:
وقالوا الذى جاء به أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ومعناه: ما سطر الأولون وكتبوه كذبا وزورا (?).
وكان الواحد من هؤلاء الكفار، إذا سمع القرآن أو تلا عليه قال: ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (الأحقاف: 17) عنادا منهم وتكبرا وكفرا (?).
الأسباط: جمع سبط، وهو ولد الولد؛ كأنه امتداد الفروع، وعلى ذلك فالسبط: الجماعة والقبيلة، الراجعون إلى أصل واحد.
والأسباط: ولد يعقوب عليه السلام، وهم اثنا عشر ولدا، ولد لكل واحد منهم أمة من الناس، واحدهم: سبط.
ومن هنا: فالسبط فى بنى إسرائيل.
بمنزلة القبيلة فى ولد إسماعيل.
وسموا الأسباط من السّبط، وهو التتابع، فهم جماعة متتابعون.
وقيل: سموا بذلك من السّبط، وهو الشجر، أى: هم فى الكثرة، بمنزلة الشجر، قال أبو إسحاق الزجاج: ويبين لك هذه الكثرة، ما قاله ابن عباس: «كل الأنبياء من بنى إسرائيل، إلا عشرة: نوحا، وشعيبا، وهودا، وصالحا، ولوطا، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وإسماعيل، ومحمد صلى الله عليه وعليهم جميعا وسلم» (?).