والحيوان تجد عوائق كثيرة عند تطبيقها على الإنسان .. وكل ما يحاوله العلماء هذه الأيام هو إيقاظ الخلايا الجسدية من سباتها لتعيش أو تعمل من جديد، وينشط برنامجها الوراثى كله، وكأنما هى تعود إلى حالتها الجنينية وتصبح صالحة لاستنساخ كائن جديد .. هذا ما فعله الباحثون فى حالة النبات والحيوان، فهل سيتحقق فى الإنسان؟!
إن القضية على هذا النحو أصبحت ذات أبعاد علمية واجتماعية وعقدية تحتاج إلى ضوابط تحكم مسيرة البحث العلمى فى الطريق السليم الذى يعود على البشرية بالخير والنفع ولا يهدد البنية الاجتماعية المستقرة للمجتمع الإنسانى.
يقول الله تعالى: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (?).
تشير هذه الآية الكريمة إلى أن الفساد أو التلوث الذى تعانى منه البيئة والبشرية اليوم برا وبحرا وجوا؛ جاء نتيجة طبيعية لعمل الإنسان، ذلك أن البيئة من المنظور الإسلامى مرتبطة بتحمل الإنسان- دون غيره من المخلوقات- لأمانة الخلافة فى الأرض وترقية الحياة عليها حتى يستكمل حكمة الله من خلقه وخلقها، بعد أن سخّر له كل ما فى الكون من نعم ظاهرة وباطنة لكى ينتفع بها ويمجد بانتفاعها ربّ العالمين.
ولا يكون الإنسان جديرا بتحمل أمانة الخلافة إذا أساء استعمال هذه النعم التى تتكون منها عناصر البيئة، أو تصرّف فيها على نحو غير مشروع جريا وراء منفعة خاصة، أو استسلاما لأنانية مقيته.
فالخلافة تعنى أول ما تعنى تعمير الأرض بإشاعة الخير والسلام فيها، وبالعمل على إظهار عظمة الخالق وقدرته عن طريق الانتفاع الإيجابى بكل المخلوقات التى سخرها الله لخدمة الإنسان. ويتجلى ذلك فى قوله تعالى: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها (?)، أى جعلكم عمارا تعمرونها وتسكنون بها، وهذا لا يتأتى إلا بأمرين:
أولهما: أن تبقى الصالح على صلاحه ولا تفسده، وثانيهما: أن تصلح ما يفسد وتزيد إصلاحه، ولا شك أن فى الأمرين خير ضمان لحماية البيئة وسلامتها.
ولقد سبق الدين الإسلامى الحنيف إلى وضع تشريعات محكمة لرعاية البيئة وحمايتها من آفات التلوث والفساد، ورسم المنهج الإسلامى حدود هذه التشريعات على أساس الالتزام بمبدأين أساسيين يحددان مسئولية الإنسان حيال البيئة التى يعيش