وأما ريش الطيور فيتميز بأنه مكيف بدقة بالغة لترويح الهواء وتخفيف كثافة الجسم وعزله عزلا جيدا عن الجو، فضلا عن مرونته الفائقة التى تمكنه من الالتواء والانثناء لتلبية حاجات الطيران سريعة التغيّر. وأهم ما يميز الريش أن توزيعه يهذب زوايا الجسم البارزة.
وهناك خصائص وظيفية أخرى تتمتع بها الطيور من أهمها ارتفاع معدل العمليات الحيوية فى داخل أجسامها. فهى على سبيل المثال، أقدر من الحيوانات الثديية فى هضم الطعام، وقلبها أقوى وأكبر وأسرع نبضا مع حفظ النسبة، وضغط دمها أقل، ونسبة السكر فيه أكثر، ودرجة حرارتها أعلى، وجهازها التنفسى أكفأ، حيث تتصل الرئتان بمجموعة من الأكياس الهوائية المنتشرة فى أنحاء الجسم، مما ييسر تبريد أجسامها أثناء الطيران، فضلا عن الإسهام فى تخفيف وزنها، وهذا كله يجعل من أجهزتها آلات رائعة لإنتاج الطاقة اللازمة للطيران، فهى تستخدم غذاءها بكفاءة تفوق أضعاف كفاءة أحدث الطائرات فى استخدام وقودها.
وبالنسبة لذيل الطائر فتكاد تنحصر مهمته فى التوجيه، ولكنه إذا نشر مبسوطا زادت مساحة السطح، وقد يستغل هذا أحيانا فى الرفع وأحيانا فى تقليل سرعة الهبوط، ويوازن الطائر حركته بواسطة جناحيه، وقد قرر القرآن الكريم- فى بيان معجز- حقيقة أن جناحى الطائر هما جهاز طيرانه الأساسى، وهذا يتفق فى بساطة ووضوح مع ملاحظة الفطرة السليمة والدراسة العلمية المدققة على حد سواء. قال تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ (?). وفى أثناء خفق الجناح تغيّر أجزاؤه، وبخاصة ريشاته القوادم، أشكالها وأوضاعها وزواياها وسرعة حركتها فى كل لحظة مع اختلاف الارتفاع وشدة الهواء واتجاهه ومتطلبات الطيران المتغيرة. وهذا كله يتم بصورة آلية وبسرعة مذهلة لم يستطع العلماء إدراك بعضها إلا بأدق آلات التصوير السريع والعرض البطىء.
وليس الطيران بالنسبة للطيور مجرد وسيلة للانتقال المعتاد، فللطائر فيه مآرب أخرى كثيرة، من ذلك أن كثيرا من الطيور يلقف طعامه من الحشرات فى أثناء طيرانه، كما أن بعضها يصيد فريسته من ذوات الجناح وهما محلقان فى الجو، وقد يقذف بعضها إلى بعض الطعام وهى راكبة متن الهواء. وللطيور أفانين كثيرة من العراك واللهو والغزل الطائر.
والطيور الصافات، أى التى تبسط جناحيها دون حراك، تستطيع أن تمضى فى