رأسها، كما أنها تتمتع بحاسة إبصار جيدة تميز البياض والسواد وبعض الألوان وعلى الأخص اللونين الأزرق والأصفر، وهى تمتاز على العين البشرية فى إحساسها بالأشعة فوق البنفسجية، ولذا فهى ترى ما لا تراه عيوننا مثل بعض المسالك والنقوش التى ترشد وتقود إلى مختزن الرحيق ولا يمكننا الكشف عنها إلا بتصويرها بالأشعة فوق البنفسجية. ثم إذا حطّت النحلة على زهرة يانعة وبلعت رحيقها استطاعت أن تتذوقه وتحدد بحكم فطرتها مقدار حلاوته.
وفى رحلة العودة تهتدى النحلة إلى مسكنها بحاستى النظر والشمّ معا. أما حاسة الشم فتتعرف على الرائحة الخاصة المميزة للخلية. وأما حاسة الإبصار فتساعد على تذكر معالم رحلة الاستكشاف، إذ يلاحظ أن النحلة عند ما تغادر البيت تستدير إليه وتقف أو تحلق أمامه فترة وكأنها تتفحصه وتتمعنه حتى ينطبع فى ذاكرتها، ثم هى بعد ذلك تطير من حوله فى دوائر تأخذ فى الاتساع شيئا فشيئا، وعند ما تعود إلى البيت تخبر عشيرتها بتفاصيل رحلتها، وتدل زميلاتها على مكان الغذاء فينطلقن تباعا لجنى الرحيق من الزهور والإكثار منه لادخار ما يفيض عن الحاجة العاجلة لوقت الشتاء ببرده القارس وغذائه الشحيح.
وقد أوضحت أبحاث العلماء حديثا أن للنحل لغة خاصة يتفاهم بها عن طريق الرقص، وأن للنحلة الشغالة فى جسمها من الأجهزة ما يجعلها تستطيع قياس المسافات والأبعاد والزوايا بين قرص الشمس والخلية، ثم إنها تستخدم لغة سرية للتخاطب عن طريق رقصات خاصة معبرة تنبئ بها أخواتها عن وجود الرحيق الحلو وتحدد لهن موضعه تحديدا دقيقا من حيث زاوية الاتجاه إليه وبعده عن بيتها. فمثلا الرقص الدائرى يعنى وجود مكان غنى بحبوب اللقاح يقع بالقرب من موقع خلية النحل، بينما يعنى الرقص المتعرج الاهتزازى أن مركز الخلية بعيد عن موقع الرحيق.
وتستطيع العشيرة الواحدة من النحل أن تجمع نحو 150 كيلوجراما من العسل فى الموسم الواحد. والكيلو جرام الواحد من العسل يكلف النحلة ما بين مائة وعشرين ألف إلى مائة وخمسين ألف حمل من الرحيق تجمعها بعد أن تطير مسافة تعادل محيط الكرة الأرضية عدة مرات فى المتوسط.
وتستطيع النحلة أن تطير بسرعة 65 كيلومترا فى الساعة، وهو ما يعادل سرعة القطار. وحتى لو كان الحمل الذى تنوء به يعادل ثلاثة أرباع وزنها فإنها يمكن أن تطير بسرعة 30 كيلومترا فى الساعة.