وسبب اختلاف ألوانها الذى يعود إلى اختلاف المواد التى تكوّن صخورها. فالجبال البيضاء تتكون أساسا من الطباشير والحجر الجيرى، والجبال السوداء يكثر فيها المنجنيز والفحم، والجبال الحمراء غنية بالحديد، وغير ذلك من الجبال النارية تتكون من الجرانيت والبازلت، وتحتوى على عروق الحديد والنحاس والذهب ومعادن أخرى تؤدى إلى تعدد ألوان الجبال وأنواعها. ومن دلائل القدرة الإلهية هنا أن التباين فى أحوال الجبال وألوانها وأنواعها، رغم أنها ترجع أصلا إلى أرض واحدة كانت تكوّن مع الشمس والسموات رتقا واحدا، يشير إلى الله الواحد القهار الذى أوجد هذا التباين أيضا فى الناس والدواب والثمار، وحث العلماء على اكتشاف الحكمة من ورائه، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (?).
من ناحية أخرى، ورد تشبيه الجبال بالأوتاد فى قوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (6) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (?)، وفى هذا إعجاز علمى رائع، فالجبال فيما يتبادر إلى الذهن تشبه الأوتاد من ناحية البروز عن سطح الأرض ومن ناحية الرسوخ فيها. ولقد كشف العلم حديثا أن للجبال جذورا تمتد إلى الأغوار العميقة إلى عمق يصل إلى حوالى 75 كيلومترا. وغرس الجبال على هذا النحو فى الطبقة اللزجة التى تحت طبقة الصخور هو الذى يساعد على تثبيت القارات ويمنعها أن تطوف أثناء دوران الأرض، فهذه الأوتاد المغروسة فى الطبقة اللزجة التى تحت القارات تعمل على تثبيت القارات كما يثبّت الوتد الخيمة إذا غرس فى تراب الأرض.
كذلك يعمل بروز الجبال على استقرار سطح الأرض، حيث تبرز قشرة الأرض فى موضع ما فتصبح جبالا نتيجة ضغوط أثرت على أطراف طبقات أفقية من الصخور، ثم تستقر القشرة الأرضية على هذا الوضع.
وثمّة نقطة علمية أخرى هى أن أول ما برد من الأرض أثناء تكوينها هى قشرتها الخارجية فتجمدت وظل باطنها ساخنا على هيئة سائل وغاز، وأثناء برودة القشرة تغضنت، فما ارتفع من أجزائها كوّن الجبال والهضاب، وما انخفض كوّن السهول والوديان وقيعان المحيطات. فلولا بروز الجبال لتشققت القشرة وظهرت بها فجوات وفتحات كثيرة، ولثارت البراكين واضطربت الأرض