لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ الأنفال: 41.
وقيل: منسوخة بآية السيف وهى قوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ الآية التوبة: 5.
والأصح: أنها محكمة إذ لا تعارض بين هذه الآيات الثلاث.
الثانية والعشرون: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا المزمل 1 - 4.
قيل: منسوخة بقوله سبحانه فى آخر هذه السورة: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ الآية المزمل: 20 ثم نسخ هذا الوجوب بالصلوات الخمس.
روى أحمد فى مسنده ومسلم فى صحيحه عن عائشة- رضى الله عنها- قالت فى حديث طويل: (إن الله افترض قيام الليل فى أول هذه السورة- تعنى سورة المزمل- فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها فى السماء اثنى عشر شهرا، ثم أنزل الله التخفيف فى آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا من بعد الفريضة).
هذه هى الآيات التى قيل إنها منسوخة قد نقلتها من «الإتقان» للسيوطى وتصرفت فى نقلها بالتوضيح والتعليق والإضافة ليعلم القارئ جلية الأمر فى هذه الآيات وموقف العلماء فى نسخها من عدمه، وأكثرها فى نظرى غير منسوخ على المعنى الضيق الذى تمسك به المتأخرون وهو رفع الحكم المتقدم بحكم متأخر.
فضلا عن المعنى الواسع الذى قال به المتقدمون؛ وهو تخصيص الحكم العام أو تقييد المطلق بحكم متأخر عنه.
وبعد أن عرفنا مفهوم النسخ فى اللغة والشرع، وعرفنا حكمه وأدلته وأركانه وشروطه، وما إلى ذلك، أرى أن أختم هذا البحث ببيان الحكمة من النسخ وإنها لعظيمة، عرفنا شيئا منها فآمنا به، وخفى منها الكثير فسلمنا بجهلنا فيه.
ومن المعلوم أن شريعة الإسلام نسخت جميع الشرائع السماوية التى لم يعد لها ما يستدعى بقاءها بحال، فجاءت جامعة لأصول الشرائع كلها تعدل المسار، وتصحح المعتقد وترد الناس إلى فطرتهم التى فطرهم الله عليها، وتلائم ظروفهم المعيشية، وتلبى مطالبهم الدنيوية والأخروية، وتبغى لهم اليسر ورفع الحرج ودفع المشقة، وتتدرج بهم رويدا رويدا، صاعدة بهم فى مدارج الرقى شيئا فشيئا، وتسير بهم من السهل إلى