الأيامى والأبكار، وهى الإيذاء بالأيدى والنعال والتقريع بالألسنة وما إلى ذلك من أنواع الإيذاء المناسب لهذه الجريمة، وهى جريمة الزنا واللواط كما يرى بعض المفسرين.
قال ابن كثير فى تفسيره: (كان الحكم فى ابتداء الإسلام أن المرأة إذا زنت فثبت زناها بالبينة العادلة، حبست فى بيتها فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت ..
فالسبيل الذى جعله الله هو الناسخ؛ لذلك قال ابن عباس: «كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور، فنسخها بالجلد أو الرجم»، وكذا روى عن عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وعطاء الخرسانى، وأبى صالح، وقتادة، وزيد بن أسلم، والضحاك، أنها منسوخة، وهو أمر متفق عليه).
ثم ساق الحديث الذى رواه أحمد فى مسنده، ومسلم فى صحيحه وغيرهما من أصحاب السنن، وفيه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا: الثيب بالثيب، والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفى سنة».
الحادية عشرة: قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ النساء: 33.
منسوخة بقوله: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ الأنفال 75 (وقيل إنها غير منسوخة، لأنها تدل على توريث مولى الموالاة، وتوريثهم باق غير أن رتبتهم فى الإرث بعد رتبة ذوى الأرحام، وبذلك يقول فقهاء العراق).
والأصح: أنها منسوخة؛ لكثرة الآثار الواردة فى ذلك عن الصحابة والتابعين.
الثانية عشرة: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ المائدة: 2.
قيل إن قوله: وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ منسوخ بمقتضى عموم قوله:
وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً التوبة: 36، وقد سبق القول فى هذا، فالحق عدم النسخ.
فالحكم باق كما هو، فلا يجوز للمسلمين أن يقاتلوا عدوهم فى الأشهر الحرم، إلا إذا اضطروا لذلك.
الثالثة عشرة: «قوله تعالى: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ المائدة: 42 منسوخة بقوله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ المائدة: 49.
وقد قيل بعدم النسخ، وأن الآية الثانية متممة للأولى، فالرسول صلّى الله عليه وسلم مخير بمقتضى الآية الأولى بين أن يحكم بينهم وأن يعرض عنهم، وإذا اختار أن يحكم بينهم وجب أن يحكم بما أنزل الله بمقتضى الآية الثانية، وهذا ما نرجحه، لأن النسخ لا يصح إلا حيث تعذر الجمع.