أقوى من الآخر فى الثبوت عمل بالأقوى، وأهمل الآخر.
وإن تعارضا من جميع الوجوه، وتكافئا فى الثبوت وعلم الأمر المتقدم منهما والمتأخر صرنا إلى النسخ.
أما إن تعارضا من جميع الوجوه، وتكافئا فى الثبوت، ولم يعلم المتقدم والمتأخر فلا يصار إلى النسخ بالاجتهاد؛ بل يجب التوقف عنهما أو التخير بينهما.
وعلى هذا فلا يعتمد على: (الاجتهاد من غير دليل، ولا على أقوال المفسرين من غير سند، ولا على مجرد التعارض الظاهرى بين النصوص، ولا على ثبوت أحد النصين فى المصحف بعد الآخر؛ لأنه ليس على ترتيب النزول) (?).
(هذا كله إذا لم يمكن الجمع بين النصين بوجه من وجوه التخصيص والتأويل، وإلا وجب الجمع؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إعمال دليل وإهدار آخر، ولأن الأصل فى الأحكام بقاؤها وعدم نسخها فلا ينبغى أن يترك استصحاب هذا الأصل إلا بدليل بيّن) (?).
وقسم بعض العلماء النسخ أقساما متعددة باعتبارات مختلفة، نذكر بعضها بإيجاز فنقول كما قالوا:
(أ) ينقسم النسخ باعتبار التلاوة والحكم إلى ثلاثة أقسام:
فقد روى أنه كان فى سورة النور آية ثم نسخت تلاوتها وبقى حكمها وهى: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله».
وروى أن عمر قال: «لولا أن يقول الناس:
زاد عمر فى كتاب الله لكتبتها بيدى».
وقد أنكر كثير من العلماء هذا الضرب لعدم فهمهم الحكمة منه؛ ولضعف دليله لأنه من قبيل أحاديث الآحاد التى يتطرق إليها الاحتمال فيسقط به الاستدلال.
وقد بالغ الدكتور مصطفى زيد فى إنكار هذا الضرب بالطعن فى صحة النصوص الواردة فى ذلك فقال فيما قال: (أما الآثار التى يحتجون له بها .. وهى تنحصر فى آيتى رجم الشيخ والشيخة إذا زنيا، وتحريم الرضعات الخمس- فمعظمها مروى عن عمر وعائشة رضى الله عنهما، ونحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار عنهما، بالرغم من ورودها فى الكتب الصحاح؛ فإن صحة السند لا تعنى فى كل الأحوال سلامة المتن.
على أنه قد ورد فى الرواية عن عمر قوله بشأن حد الرجم فيما زعموا: «ولولا أن