وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ- سورة هود/ 114 فقال الرجل:

ألى هذه يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

«لك ولمن عمل بها من أمتى». وفى بعض الروايات: فقال أصحابه: يا رسول الله، ألهذا خاصة، أم للناس عامة؟ فقال: «بل للناس عامة» (?).

ثانيا: أدلة المخالفين:

أما المخالفون: فليس لهم أدلة سوى بعض المحاذير التى يرون أنها تترتب على القول بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهى محاذير يمكن الرد عليها جميعا، ومن بين هذه المحاذير:

(أ) أنه يترتب على القول بعموم اللفظ: ألا يكون هناك فائدة لأسباب النزول، أو لبيانها على الرغم من اجتهاد العلماء فى نقل هذه الأسباب، واهتمام علماء التفسير بها، ولا تظهر الفائدة من ذلك إلا بالقول بأن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.

ويمكن الرد على ذلك: بأن لمعرفة أسباب النزول كثيرا من الفوائد الهامة غير هذه الفائدة التى أوردها هؤلاء مثل معرفة حكمة التشريع، وإزالة ما قد يكون فى الآيات من إشكال، وغير ذلك مما عالجناه فى موضع آخر.

(ب) أنه يترتب على القول بعموم اللفظ:

أنه يحنث من قال: والله لا آكل، جوابا لمن قال: كل فاكهة. إذا حدث وأكل خبزا، لأن قوله: لا آكل. يعم كل أكل، مع أن الفقهاء على أنه لا يحنث، فثبت أن العبرة بخصوص السبب، لا بعموم اللفظ.

والرد على ذلك: أن التخصيص فى هذا المثال إنما جاء من العرف، الذى يقضى بأن الحالف فى مثل هذه الحالة لا يقصد نفى الأكل مطلقا، وإنما يقصد نفى أكل الفاكهة، فالتخصيص جاء من قرينة قضت به، لا من خصوص السبب، ولا نزاع فى ذلك، إنما النزاع عند عدم القرينة.

(ج) أنه يترتب على القول بعموم اللفظ:

أن لا يكون لربط نزول الآية بسببها فائدة، لأن هذا الربط دليل على أن العبرة بخصوص السبب، ولولا ذلك كانت الآيات تنزل إما قبل حدوث هذه الأسباب، أو بعدها بوقت طويل، حتى ينفك هذا الارتباط، فدل ذلك التعاقب على أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.

والرد على ذلك: أن هذا التعاقب بين السبب والآيات النازلة فى شأنه يؤدى إلى تثبيت الحكم الشرعى وإظهار حكمة التشريع، وتوضيح المراد من الآيات عند ما يشكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015