بقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن: 16).
والرابع: من جهة المكان والأمور التى نزلت فيه نحو: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها (البقرة: 189) وقوله: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ (التوبة: 37).
فإن من لا يعرف عادتهم فى الجاهلية يتعذر عليه معرفة تفسير هذه الآية.
والخامس: من جهة الشروط التى بها يصح الفعل أو يفسد كشروط الصلاة والنكاح.
وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون فى تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم نحو قول من قال: المتشابه (الم).
وقول قتادة: المحكم هو الناسخ. والمتشابه:
هو المنسوخ.
وقول الأصم: المحكم ما أجمع على تأويله، والمتشابه ما اختلف فيه.
ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب:
ضرب لا سبيل للوقوف عليه، كوقت الساعة، وخروج دابة الأرض، وكيفية الدابة، ونحو ذلك.
وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته.
كالألفاظ الغريبة، والأحكام الغلقة.
وضرب متردد بين الأمرين، يجوز أن يختص بمعرفة حقيقته بعض الراسخين فى العلم، ويخفى على من دونهم، وهو الضرب المشار إليه بقوله- عليه الصلاة والسلام- لابن عباس: «اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل».
وإذا عرفت هذه الجملة علم أن الوقف على قوله: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ووصله بقوله: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ جائز، وأن لكل واحد منهما وجها حسبما دل عليه التفصيل المتقدم.
وقوله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً (الزمر: 23) فإنه يعنى ما يشبه بعضه بعضا فى الأحكام والحكمة واستقامة النظم. أه.
هذا ما أفاده الراغب فى «مفرداته» (?) مع إضافات توضيحية على بعض ما قال، وهو كما ترى قد أنهى إلينا ما كنا نبتغيه فى تفسير المتشابه، وتمييزه عن المحكم بتعريف جامع لأطرافه ومسائله، مانع من دخول الغير فيه.
فقد عرفه بالحد والرسم والتقسيم؛ فأفاد وأجاد وحقق المراد.
ونسبة المتشابه، وإن كثرت أقسامه وفروعه، بالنسبة للمحكم من نصوص