بينهما فى جهة الخصوص ولا خلاف بين العلماء فى ذلك.
مثال ذلك: ما ورد فى سبب نزول قول الله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ إلى آخر سورة المسد.
فقد أخرج البخارى (?) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ صعد النبى صلّى الله عليه وسلم الصفا، فجعل ينادى: يا بنى فهر، يا بنى عدى- لبطون قريش- حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو؟ فجاء أبو لهب وقريش، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقىّ؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقا، قال: فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ.
ثالثا: قد يكون السبب عاما واللفظ خاصا: «وتلك صورة فرضية غير واقعة فى القرآن، لأنها تتنافى وبلاغته، لعدم وفاء اللفظ للسبب، إذ السبب بمنزلة السؤال، واللفظ المنزل بمنزلة الجواب، وقصور الجواب عن مطلوب السؤال مخل بالبلاغة» (?).
رابعا: قد يكون سبب النزول خاصا، واللفظ الذى نزل فى شأنه عاما، وهذه الصورة هى موضع خلاف العلماء، وقد تكررت هذه الصورة فى القرآن الكريم فى أكثر من سورة.
واختلاف العلماء فى شأن هذه الصورة يدور حول ما يعتبر عندهم، ويعتد به من الأمرين:
هل تكون العبرة بعموم اللفظ؟ وعندئذ يكون اللفظ العام باقيا على عمومه، فيتناول أفراد السبب الخاص وكل ما يكون مشابها له من أفراد غيره، أو تكون العبرة بخصوص السبب؟ فلا يكون اللفظ باقيا على عمومه بل يكون مقصورا على أفراد السبب الخاص، ولا يدخل ما سوى ذلك فى الحكم إلا بدليل آخر غير النص.
ولنذكر أولا مثالا تتضح فيه صورة هذا الخلاف، ثم نذكر ما قاله العلماء فى هذا الصدد مقرونا بالأدلة، ثم نبين أى القولين أولى بالاعتبار.
ففي الصحيح: عن ابن عباس- رضى الله عنهما: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبى صلّى الله عليه وسلم بشريك بن السحماء، فقال رسول الله