فوائد معرفة أسباب النزول

قد عرفنا فيما سبق ما هو سبب النزول، وما الذى يرجع إليه فى معرفته، وما صيغته التى يرد بها، وقد آن لنا أن نعرف ما هى الثمرة المرجوة، والفائدة المأمولة من وراء هذا البحث.

الحق أن البحث فى سبب النزول وفوائد معرفته بحث مهم، ولهذا نرى أن علماء الأمة قد أولوه عنايتهم كما سبقت الإشارة إليه فى كلام السيوطى- رحمه الله تعالى- فى بيان من أفرد هذا الموضوع بالبحث، كما نرى واحدا من أعلام هؤلاء العلماء، وهو بدر الدين الزركشى- رحمه الله تعالى- قد بدأ مصنفه القيم فى علوم القرآن الذى يعتبر عمدة فى هذا الفن، وهو كتاب (البرهان فى علوم القرآن) (?) ببحث هذا الموضوع، فجعل النوع الأول مما بحثه فى كتابه من موضوعات: (معرفة أسباب النزول).

وإنه لمخطئ من يظن أنه ليس من وراء البحث فى أسباب النزول من فائدة؛ إذ يبنى ظنه على أن هذا الموضوع من قبيل ما يجرى مجرى التاريخ الذى مرت أحداثه، وانتهت ملابساته، وعليه فإن معرفة سبب النزول لا تزيد عن كونها نوعا من الاطلاع والعلم المجرد بما وقع من أحداث، وكان سببا فى نزول بعض الآيات.

ولا شك أن هذا الظن خاطئ، بل لمعرفة أسباب النزول فى القرآن الكريم فوائد جليلة، منها ما يلى:

أولا: بيان الحكمة الباعثة على تشريع كثير من الأحكام، ومن ثم إدراك أن روح التشريع الإسلامى وجوهره يقوم على مراعاة هذا التشريع الحكيم لمصالح العباد فى معالجة ما يعرض لهم من أحداث ووقائع، وأن مراعاة هذه المصالح أمر ينطلق من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده، ورأفته بهم، وتيسيره عليهم.

ولقد تجلت هذه الحكمة واضحة فيما ورد فى حادثة سبب نزول آية التيمم من جهة، وفى النص عليها فى نفس الآية من جهة أخرى، وهذه الآية هى قول الله عز وجل:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015