المثل. ومعنى جريانها مجرى المثل، أنه يصح ذكرها فى المقام الذى يستدعيها، دون افتقارها إلى الاعتماد على ذكر ما قبلها.
ومنه قوله تعالى:
ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (?) فجملة وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ تزييل مؤكد ومقرر لمعنى ما قبلها ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وهو جار مجرى المثل السائر، فيقال: وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ- دون أن يفتقر إلى ما قبله.
وقد يأتى التذييل فى القرآن الكريم فى غير الفواصل ومنه قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (?) فى هذه الآية تذييلان:
الأول: وقع فى درج الكلام لا فى الفاصلة، وهو وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ.
والثانى: وقع فى الفاصلة وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وفى كلا التذييلين تقرير لمعنى ما تقدم عليه، وتوكيد له.
ومن التذييل فى القرآن الكريم قوله تعالى:
وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ (?).
لأن فى الآية الأولى وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ حكما عاما شاملا لزوال كل البشر، فجاءت الآية الثانية:
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ مؤكدة لذلك المعنى، ومقررة له. وهى ليست فاصلة بل هى آية قائمة بذاتها. فمجيء التذييل فى الفواصل أغلب لا مطرد.
وهو تذييل جار مجرى المثل، لصحة ترديده دون الافتقار إلى ما قبله.
ومن التذييل غير الجارى مجرى المثل قوله تعالى: وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (?).
فقوله إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ تذييل غير جار مجرى المثل، مؤكد لمعنى الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ ومقررة له وهو كثير فى فواصل الآيات.
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى