أغراض الخبر، ومثلوا لهذا بعبارات كثيرة، أغلبها أمثلة مصنوعة، مثل: جاء «زيد» خطابا لمن لا يعلم بمجيء زيد.
ومن أمثلة فى القرآن الكريم قوله تعالى:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (?).
هذه الآية أفادت لأول مرة أن الله أنزل القرآن فى ليلة القدر، ولم يكن لدى المخاطبين علم بهذا قبل نزول هذه الآية.
أما الغرض الثانى من الخبر، فيطلق عليه البلاغيون مصطلح «لازم الفائدة» وضابط هذه الوظيفة:
أن يكون المخاطب عالما بمضمون الخبر، ويكون غرض المتكلم إعلام المخاطب بأنه- أى المتكلم- عالم بمضمون الخبر مثله، كقولك لمن يعلم أنه خالدا حضر من سفره:
خالد حضر. فأنت لا تريد إعلامه بحضور خالد، لأنك تعلم أنه يعلم بحضوره وإنما تريد أنك أنت عالم بحضور خالد كما يعلم هو به ومن أمثلته فى القرآن الكريم قوله تعالى حاكيا ما قاله يعقوب عليه السّلام لبنيه:
بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً (?).
يعقوب عليه السّلام لم يرد أن يخبر بنيه بأن أنفسهم سوّلت لهم أمر التخلص من يوسف؛ لأنهم كانوا يعلمون بهذا التسويل أكثر منه.
وإنما أراد أن يخبرهم أنه عالم بما حدث معهم لأخيهم يوسف.
ففائدة الخبر، ولازم فائدته هما الدلالتان اللتان أرادهما واضعو اللغة من الخبر وهما دلالتان حقيقيتان وضعيتان .. كدلالة: السيف والرمح على آلتى القتال المعروفتين.
وفى القرآن الكريم- كما فى اللغة بوجه عام- استعمالات لأخبار لا تكاد تحصى فى معان أخرى مجازية، غير فائدة الخبر، ولازم فائدته، تحمل معانى كثيرة يقتضيها المقام فى أغراض شتى.
ومن ذلك قوله تعالى:
فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ (?) لم ترد امرأة عمران أن تخبر الله بما لا يعلم فى قولها إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى فالخبر هنا لم يستعمل فى الإعلام بفائدة الخبر، ولا فى لازم فائدة الخبر، بل خرج إلى معنى مجازى هو إظهار التحسر على إنجابها أنثى، وكانت تطمع أن تلد ذكرا ليكون خادما فى بيت المقدس الذى لم يكن يقوم بالخدمة فيه إلا الذكور.
ولم ترد أن تخبر الله عز وجل بما لم لا يعلم فى قولها. وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ بل إن الخبر هنا خرج عن الإعلام بفائدة الخبر،