ولكن استماعه عباده المؤمنين أعظم كما قال تعالى: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ (سورة يونس آية 61)، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ كما دل عليه هذا الحديث العظيم (?).

هذا: وقد ضرب لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم المثل الأعلى بنفسه فى تحسين الصوت بالتلاوة، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «سمعت النبى صلّى الله عليه وسلم يقرأ فى العشاء: والتين والزيتون، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه» (?).

وفى الصحيحين عن جبير بن مطعم قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ فى المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه، وفى بعض الروايات: فلما سمعته قرأ: أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون (35) أم خلقوا السماوات والأرض بل لّا يوقنون (36) أم عندهم خزائن ربّك أم هم المسيطرون (سورة الطور الآيات 35 - 37)، «كاد قلبى أن يطير» (?).

ولهذا كان أحسن القراءات ما كان عن خشوع من القلب، وهذا ما أشار إليه الرسول صلّى الله عليه وسلم فيما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذى إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله» (?).

12 - التغنى بالقرآن: ومن أجل تحسين التلاوة وتزيينها أمر النبى صلّى الله عليه وسلم بالتغنى بالقرآن، فعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلّى الله عليه وسلم قال: «ما أذن الله لشىء ما أذن لنبى يتغنى بالقرآن» (?).

قال سفيان بن عيينة تفسيره: يستغنى به.

ولكن الإمام الشافعى رحمه الله تعالى ردّ هذا القول وقال: ليس هو هكذا، ولو كان هكذا لكان يتغانى، إنما هو يتحزن ويترنم به.

ويؤيد هذا ما جاء فى الرواية الأخرى: «ما أذن الله لشىء ما أذن لنبى حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به» (?)، قال الطبرى- رحمه الله تعالى: لو كان معناه الاستغناء

لما كان لذكر الصوت ولا لذكر الجهر معنى.

ومما يؤكد هذا المعنى أيضا ما أخرجه البخارى وغيره عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلّى الله عليه وسلم قال: «ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن» (?)، والمراد بالتغنى بالقرآن تحسين الصوت وتطريبه وتحزينه والتخشع به لما جاء عن أبى موسى رضي الله عنه قال: قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم: «لو رأيتنى وأنا استمع قراءتك البارحة لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود» قلت:

أما والله لو علمت أنك تسمع قراءتى لحبرتها لك تحبيرا» (?).

قال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكر هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015