وقوله تعالى: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (التكوير: 24) قرأه بالضاد نافع وابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر وروح عن يعقوب وخلف، وقرأه الباقون بالظاء (?).
والمعنى على قراءة الضاد: وما هو على الغيب ببخيل بل هو معصوم من البخل بما أنزل إليه من ربه. فهذه القراءة تثبت عقيدة العصمة من الكتمان، وتثبت وجوب التبليغ، والأمانة.
والمعنى على قراءة الظاء: وما هو على الغيب بمتهم، بل هو معصوم من الوهم والخطأ والنسيان، وكل ما يسبب تهمة له فيما يبلغه من وحى الله تعالى، فهذه القراءة تثبت عقيدة العصمة فى هذا الشأن، عقيدة الصدق المطابق للحق بلا أدنى شائبة، وعقيدة الفطانة المنافية للغفلة، وما أثبتته القراءتان ثابت بأدلة كثيرة، ففائدتهما إثباته مرة أخرى، وتوكيده، اهتماما به، وتعميقا له فى نفوس المؤمنين، مع هذا الإيجاز البليغ المعجز.
- وقوله تعالى: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها (البقرة: 148) قرأها بالياء من عدا ابن عامر، وقرأه ابن عامر مولاها:
بالألف.
ومعنى القراءة الأولى أن لكل قاصد جهة يتجه إليها، ويوليها وجهه.
ومعنى القراءة الثانية أن غيره هو الذى يوجهه إليها، ويوليها وجهه.
والفاعل هنا هو الله تعالى فاعل التولية، وفاعلها فى القراءة الأولى هو العبد، فأفادت القراءتان أن الفعل الواحد يصح أن ينسب إلى الفاعل المختار- جلّ جلاله- وإلى العبد، وهو كذلك فإنه ينسب إلى الله تعالى إيجادا، وخلقا، وإلى العبد تلبسا وكسبا، أو اكتسابا، كما هى عقيدة أهل السنة والجماعة.
- وللقراءات أثر ضئيل فى كتب علم الكلام، «كشرح المواقف»، «والإنصاف» للباقلانى، «وشرح الفقه الأكبر» للقارى.
وينبغى أن يتناول علم الكلام بين دفتيه القراءات بتوسع، لوجوب احترامها، والإيمان بها حرفا حرفا، فإنها قرآن من القرآن (?).
- قوله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (البقرة: 125) قراءة نافع وابن عامر بفتح الخاء، وباقى العشرة بكسرها (?).
والقراءة بالفتح تفيد الإخبار عن متبعى سيدنا إبراهيم عليه السلام بأنهم اتخذوا من الحجر الذى تعرفه الناس اليوم مصلى يصلون عنده (?) ركعتى طواف القدوم، كما هو فى شريعتنا.