ترجمة، فإذا كان هذا عدد القراء المقرئين فكم يكون عدد التلاميذ الحفاظ؟!
وإن لنا أن نعتبر بعدد تلاميذ أبى الدرداء المذكور آنفا، وطائفة قرأت على ابن مسعود (?)، وأولاد جمعهم سيدنا عمر- رضى الله عنه-، فى المكتب، ليحفظوا القرآن (?) وبلوغ عدد التابعين إلى أربعين فى عد «الإتقان» (?)، وأربعة وأربعين فيما نعده فى النشر (?) ونعتبر بالازدياد كما أشرنا، فنعلم أن التواتر والصحة
فى جميع العصور من بدهيات الأمور، ونعلم أن المستقبل على نمط الماضى.
3 - ولا غرو بعد وضوح هذا الواقع التاريخى للناس، المبين لما أشرنا إليه أن يجمع المسلمون، وتتفق الكلمة على أن القرآن متواتر صحيح يمتاز فى ذلك عن كل ما عداه.
قال فى «تيسير التحرير»: (والقرآن كله متواتر إجماعا) (?).
وذكر ابن أمير الحاج فى «شرح التحرير»:
(أن جميع القرآن متواتر إجماعا) (?).
وقال النويرى: (القرآن عند الجمهور من أئمة المذاهب الأربعة، منهم الغزالى وصدر الشريعة، وموفق الدين المقدسى وابن مفلح والطوفى، هو: ما نقل بين دفتى المصحف نقلا متواترا. وقال غيرهم: هو الكلام المنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه. وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر- كما قال ابن الحاجب رحمه الله- للقطع بأن العادة تقضى بالتواتر فى تفاصيل مثله، والقائلون بالأول لم يحتاجوا للعادة لأن التواتر عندهم جزء من الحد، فلا يتصور ماهية القرآن إلا به. وحينئذ فلا بد من حصول التواتر عند أئمة المذاهب الأربعة، ولم يخالف منهم أحد فيما علمت- بعد الفحص الزائد- وصرح به جماعات لا يحصون كابن عبد البر وابن عطية وابن تيمية والتونسى فى تفسيره، والنووى والسبكى والإسنوى والأذرعى والزركشى والدميرى والشيخ خليل وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم رحمهم الله. وأما القراء فأجمعوا فى أول الزمان على ذلك، وكذلك فى آخره، ولم يخالف من المتأخرين إلا أبو محمد مكى، وتبعه بعض (?) المتأخرين).
ثم جوّز النويرى أن يكون الإجماع انعقد قبل مكى، بل قال النويرى: (بل هو الراجح لما تقدم من اشتراط الأئمة ذلك، كأبى عمرو بن العلاء وأعلى منه، بل هو الحق الذى لا محيد عنه) (?).
4 - والعلم الضرورى- من وراء تلك الأدلة النقلية- حاصل والضرورى لا يحتاج إلى دليل