لجهد الصحابة الثمرة المرجوة منه، حيث لم يخلد هؤلاء الصحابة للراحة فى المدينة أو فى الأمصار المفتوحة، وإنما كانوا منارات علم وتعليم، فأسسوا المدارس من أجل إنشاء جيل صار خير الأجيال بلا منازع بعد جيل الصحابة- رضى الله عن الجميع.
وكان من أبرز تلك المدارس ثلاث مدارس، أثرت فى الحركة التفسيرية تأثيرا منقطع النظير، هذه المدارس هى:
(أ) مدرسة مكة: وكان أستاذها عبد الله ابن عباس، وكان أبرز طلابها: سعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وعكرمة أبو عبد الله البربرى، وعطاء بن أبى رباح، وطاوس بن كيسان.
(ب) مدرسة الكوفة: وأستاذها عبد الله ابن مسعود، وكان من أبرز تلاميذ هذه المدرسة الذين صاروا أئمة فى التفسير:
علقمة بن قيس، وزر بن حبيش، ومسروق بن الأجدع، وعبيدة بن عمرو، وعبيد بن نضيلة، والأسود بن يزيد، وأبو عبد الرحمن السلمى، وعامر الشعبى، والحسن البصرى، وقتادة بن دعامة السّدوسى.
(ج) مدرسة المدينة: ومؤسسها وأستاذها أبىّ بن كعب، ومن أبرز تلاميذ هذه المدرسة الذين صاروا أئمة فى التفسير: أبو العالية رفيع بن مهران الرياحى البصرى، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن كعب القرظى، وزيد بن أسلم.
ثم بعد هذه الطبقة جاءت طبقة أخرى اهتمت بجمع أقوال الصحابة والتابعين فى التفسير، وعلى رأس هذه الطبقة: سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وشعبة بن الحجاج، وآخرون.
ثم جاءت بعدها طبقة أخرى، وعلى رأسها: محمد بن جرير الطبرى، وابن أبى حاتم، وابن ماجة، والحاكم، وابن مردويه، وابن حبان، وابن المنذر، وهذه التفاسير كلها بالمأثور، ليس فيها غيره، إلا تفسير ابن جرير الطبرى، فإنه فى معظم الأحيان يتعرض لتوجيه الأقوال التى يذكرها ويرجح بعضها على بعض، كما يتعرض للمسائل الفقهية، وأصول الفقه والقراءات والإعراب وغير ذلك، مما جعل تفسيره فى غاية الأهمية لدى المشتغلين بالمأثور وبالرأى على حد سواء، وإن كانت الصبغة المأثورية هى الغالبة عليه.
وبعد هذه الطبقة التى كانت تهتم بذكر السند جاءت طبقة أخرى، أهملوا الإسناد، فالتبس الصحيح بالعليل، وتسلل الدخيل إلى التفسير.
إلى أن جاءت طبقة أخرى كان الواحد