عند أنفسهم، ولم يذيعوها على الناس فيوقعهم فى حيرة واختلاف، إذا لأراحونا من هذه الحيرة وأراحوا أنفسهم من كلام الناس فيهم، وقذف البعض لهم بالكفر والإلحاد فى آيات الله». (?)
ومن العلماء من اتجه فى تفسير القرآن اتجاها فلسفيا.
ففي العهد العباسى شجع العباسيون حركة الترجمة إلى العربية بصورة كبيرة وخطيرة فى الوقت ذاته، حتى أضحت بغداد كعبة علمية وجامعة ثقافية، يفد إليها طلاب العلم من كل حدب ينسلون، ومن الكتب التى ترجمت كتب الفلسفة، التى وقف حيالها علماء المسلمين فريقين:
(أ) فريق معارض محارب، حيث رآها تتعارض مع القرآن الكريم، وكان على قمة هذا الفريق الإمام أبو حامد الغزالى، والفخر الرازى، الذى امتلأ تفسيره بالرد على هذه الفلسفة، فى المواضع المناسبة.
(ب) وفريق أعجب بها إلى حد كبير، رغم هذا التعارض الظاهر، لأنه رأى أنه يمكن التوفيق بين القرآن والفلسفة بإحدى وسيلتين:
1 - الوسيلة الأولى: تأويل النص القرآنى بما يساير أقوال الفلاسفة، وهذا من الخطورة بمكان، لأن فيه ليّا لعنق الآية الكريمة، وإكراه ألفاظها على معان لا تحتملها، وليست مرادة لله- عز وجل- من قرآنه، هذا فوق ما فيه من شطط واضح، وإلحاد ظاهر فى آيات الله.
2 - الوسيلة الثانية: شرح النصوص القرآنية بآراء الفلاسفة، وتلك أخطر من سابقتها، حيث تجعل كلام الفيلسوف هو الأصل المتبوع، وكلام الله- عز وجل- هو الفرع التابع، وفى هذا قلب للموازين، وإلحاد أعظم وأخطر من سابقه.
ولكن هذا التوفيق رغم الجهد الجهيد من أصحابه، كان فى غاية الضعف والهزال، ولذلك لم يجد من تصدى لهدم تلك الآراء الفلسفية صعوبة فى الإتيان عليها من قواعدها، فخر عليها سقفها من فوقها.
المتتبع لمؤلفات من طغت عليهم تلك النزعة التفسيرية، لا يرى لهم تفسيرا كاملا للقرآن الكريم، وإنما هى شروح مبثوثة لهم ضمن مؤلفاتهم، ومن أبرز هؤلاء:
1 - أبو نصر الفارابى المتوفى سنة 339 هـ، فى كتابه «فصوص الحكم». (?)