ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى [الإسراء: 110].
فكل اسم من أسماء المولى- عز وجل- يدل على شيئين، على ذات الله- عز وجل- وعلى الصفة التى تضمنها هذا الاسم، كالرحيم يدل على الله، ويدل على صفة الرحمة، والقدير يدل على الله، ويدل على صفة القدرة، وهكذا.
والأمر كذلك مع أسماء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأسماء القرآن، فالرسول صلّى الله عليه وسلم له أسماء متعددة، كمحمد، وأحمد، والماحى، والحاشر، والعاقب، والقرآن له أسماء متعددة كذلك، مثل القرآن، والكتاب، والفرقان، والشفاء، والبرهان.
ومن أمثلة هذا النوع: اختلاف المفسرين فى معنى الصراط المستقيم، فقد قال بعضهم: هو القرآن، وقال بعضهم: هو الإسلام، وقال بعضهم: هو السنة والجماعة، وقال بعضهم: هو طريق العبودية، وقال آخرون، هو طاعة الله ورسوله، ولا تنافى بين جميع هذه الأقوال، لأنهم جميعا أشاروا إلى ذات واحدة، ولكن كل واحد منهم وصفها بصفة من صفاتها.
السبب الثانى: التعبير بالمثال، حيث يذكر كل واحد منهم من الاسم العام بعض أنواعه، لا على سبيل مطابقة الحد للمحدود، فى عمومه وخصوصه، ولكن على سبيل التمثيل، بتنبيه الإنسان على النوع، كسائل أعجمى سأل عن مسمى لفظ البرتقال، فأرى برتقالة، وقيل له: البرتقال هذا، فالإشارة هنا إلى النوع، لا إلى البرتقالة وحدها.
مثال ذلك: قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ [فاطر: 32].
فالمعروف أن الظالم لنفسه هو الذى ترك المأمورات، وارتكب المحظورات، وأن المقتصد هو الذى اقتصر على فعل المأمورات وترك المحظورات، وأما السابق فهو الذى زاد على أداء الواجبات فعل المستحبات، وزاد على ترك المحظورات توقى الشبهات، ولكن المفسرين اختلفت عباراتهم فى تفسيرها، فقد قال بعضهم: السابق الذى يصلى فى أول الوقت، والمقتصد الذى يصلى فى أثنائه، والظالم لنفسه الذى يؤخر العصر إلى الاصفرار.
وقال بعضهم: الظالم آكل الربا، أو مانع الزكاة، والمقتصد الذى يؤدى الزكاة المفروضة، ولا يأكل الربا، والسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات، إلى غير ذلك من عباراتهم.