رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ (قل هو الله أحد، والمعوذتين) (?).

وأقول: إن الأحاديث الواردة بالتوقيف فى ترتيب بعض السور وإن دلت على التوقيف فيها، فإنها لا تدل ضرورة على أن ترتيب البعض الآخر كان بالاجتهاد، بل غاية ما يمكن أن يدل عليه هو احتمال أن يكون ترتيب هذا البعض الآخر اجتهاديا، ويبقى احتمال أن يكون أيضا بالتوقيف.

المذهب الثالث:

أن ترتيب السور كان بالتوقيف، نزل به جبريل عليه السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعلمه كذلك لأصحابه- رضى الله عنهم- فحفظوه وبلغوه لمن بعدهم على ذلك.

قال ابن حجر- رحمه الله- «ترتيب بعض السور على بعضها، أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفيا، والأدلة على ذلك:

1 - قول الله تعالى أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء 82] وفى عموم هذه الآية أقول: لو كان ترتيب سور القرآن باجتهاد

الناس لتنوع واختلف على اختلاف نظر كل قائم بهذا العمل، كما اختلف ترتيب مصاحف كتبة الوحى حين كانوا يكتبون القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى صحفهم الخاصة بهم، فلم تكن على ترتيب واحد، وبالتالى فوحدة ترتيب سور القرآن منذ عهد النبوة- قراءة- وإلى الآن- قراءة وكتابة- دليل على توقيف هذا الترتيب.

2 - أخرج الإمام البخارى- رحمه الله- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال عن سور «بنى إسرائيل- يعنى الإسراء- والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول وهن من تلادى» (?).

وروى أحمد وأبو داود (?) من حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم تأخر عليهم ولم يخرج، ولما خرج سألوه؟ فقال:

«طرأ علىّ حزبى من القرآن فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه". فسألنا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا:

نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتى نختم".

3 - إجماع الأمة قاطبة على هذا الترتيب، وعلى حرمة مخالفته فى كتابة المصاحف، وبهذا كله يتبين رجحان القول بتوقيف ترتيب السور القرآنية فى المصحف، واختار هذا المذهب الإمام أبو جعفر النحاس، وعزاه إلى علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015