فكل قراءتهم كانت من الكتب، ولكن هذه الأمة تحفظ كتابها بحركاته وسكناته. ونقل عن أبى عبيد القاسم بن سلام أنه فى أول كتابه «القراءات» ذكر كثيرا من الصحابة الذين رويت عنهم القراءة. وذكر ابن الجزرى أن هذه الكثرة التى ذكرها أبو عبيد كانت على جهة المثال فقط لا الحصر. فلا شك أن عددا كبيرا من الصحابة كان يحفظ القرآن.

أما ما روى من أحاديث فى حصر من جمع القرآن فى أربعة هم: أبىّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.

الحديث فى صحيح البخارى عن أنس (?).

وفى رواية أخرى: استبدال أبىّ بأبى الدرداء، وفى الرواية الثانية: حصر الجامعين بالنفى فى الأربعة فقال: مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة. فقد ذهب بعض العلماء إلى اضطراب هذه الروايات وتضعيفها، مع ملاحظة كونها موقوفة على الصحابى. وهذا ما مال إليه القاضى الباقلانى فى «الانتصار» ولكنه ذكر أوجها متكلفة فى تأويله.

ومن أمثل ما قيل فى توجيه روايتى أنس، ما ذكره الحافظ ابن حجر وملخصه: أن أول الحديث كان فيه نوع تفاخر بين الأوس والخزرج، فتفاخر الأوس بأربعة، وتفاخر الخزرج بأربعة جمعوا القرآن. ثم ذكر أنه قد يراد هذا الحصر فى الخزرج فقط، فلا ينفى ذلك عن غيرهم من الصحابة. ونقل احتمال التوجيه بأن أنسا اقتصر عليهم لتعلق غرضه بهم، وحكم عليه بالبعد. ثم ذكر أن الظاهر من أحاديث كثيرة حفظ أبى بكر الصديق للقرآن فى حياة النبى صلّى الله عليه وسلم، وقد قدّمه رسول الله صلّى الله عليه وسلم للصلاة بالناس وكان قد قال: «يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله».

وذكر عن علىّ أنه جمع القرآن على ترتيب النزول بعد وفاته صلّى الله عليه وسلم. وعبد الله بن عمر، وابن مسعود، وسالم مولى أبى حذيفة روى عنهم جمعهم للقرآن. وقد ذكر ابن أبى داود فى كتاب «الشريعة» تميم بن أوس الدارى، وعقبة بن عامر أنهما جمعاه. وعدّ معهم أبو عمرو الدانى: عمرو بن العاص، وسعد بن عبادة، وأم ورقة.

ثانيا: جمع القرآن بمعنى كتابته:

(أ) عهد النبى صلى الله عليه وسلم:

لكتابة القرآن ثلاثة عهود: أحدها: عهد النبى صلّى الله عليه وسلم، ثانيها: عهد أبى بكر الصديق رضي الله عنه، ثالثها: عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.

(أ) عهد النبى صلّى الله عليه وسلم:

وقعت الكتابة للقرآن رسميا وشخصيا، فقد كتب القرآن بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015