الأسباب حتى إنها قد يتلاشى الإجمال فى بعضها.

ثانيها: هل المجمل واقع فى القرآن؟:

يتضح من الأمثلة السابقة عند عرض أسباب الإجمال وقوع المجمل فى القرآن خلافا لدواد الظاهرى. ولكن هل يبقى على إجماله؟ خلاف بين العلماء، والصواب عندى:

أنه لا يكون كذلك، على ما أثبتناه من أن الحق فى المتشابه علم الراسخين بتأويله، وقيل: يبقى مطلقا، وقيل: لا يبقى فى مواطن التكليف. وكل هذا ضعيف سوى الأول.

ثالثها: آيات اختلف فيها هل من قبيل المجمل أم المبين؟

ذكر السيوطى نماذج: منها: آية السرقة قيل: مجملة؛ لأن اليد تطلق على العضو إلى الكوع وإلى المرفق وإلى المنكب، ولا ظهور لواحد منها، وأبان الشارع المراد، وقيل: لا إجمال فيها؛ لأن القطع ظاهر فى الإبانة.

ومنها وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ (?) قيل: إنها مجملة لترددها بين مسح الكل والبعض، ومسح الشارع على الناصية مبين، وقيل: لا، إنما هى لمطلق المسح الصادق بأقل مسح.

ومنها: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ (?) بنسب الحرمة للعين، ولا حرمة فيها، فهى مجملة؛ لأنه لا بدّ من تقدير لفعل وهو محتمل. وقيل: لا، لوجود المرجح وهو العرف بتحريم الاستمتاع.

ومنها: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا (?) قيل: مجملة؛ لأن ما من بيع إلا وفيه زيادة، وقيل: لا؛ لأن البيع منقول شرعا فحمل على إطلاقه وعمومه.

ومنها: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ (?) ووَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ (?).

والآيات التى فيها الأسماء الشرعية لاحتمال إرادة معانيها اللغوية فافتقرت للبيان، وقيل: لا، بل تحمل على الشرعية إلا بدليل.

رابعها: التفرقة بين المجمل والمحتمل لمعنيين:

فرق بينهما ابن الحصار (?) - بعد أن ذكر أن من الناس من ساوى بينهما- بأن المجمل:

اللفظ المبهم الذى لا يفهم المراد منه، والمحتمل: الواقع بالوضع الأول على معنيين مفهومين فصاعدا. والمجمل يدل على أمور معروفة، والمحتمل متردد بينها، والشارع لم يفوض لأحد بيان المجمل بخلاف المحتمل (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015