غريب القرآن

عرّف السعد التفتازانى فى شرحه «لتلخيص المفتاح» الغرابة بأنها: «كون الكلمة وحشية غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة الاستعمال» ثم قال: «لا يقال الغرابة كما يفهم من كتبهم: الكلمة، غير مشهورة الاستعمال، وهما فى مقابلة المعتادة، وهى بحسب قوم دون قوم. والوحشية، هى المشتملة على تركيب ينفر الطبع منه وهى فى مقابلة العذبة، فالغريب يجوز أن يكون عذبا، فلا يحسن تفسيره بالوحشية، بل الوحشية قيد زائد لفصاحة المفرد، وإن أريد بالوحشية غير ما ذكرنا، فلا نسلم أن الغرابة بذلك المعنى تخل بالفصاحة، لأنا نقول هذا أيضا اصطلاح مذكور فى كتبهم، حيث قالوا:

الوحشى منسوب إلى الوحش الذى يسكن القفار استعيرت للألفاظ التى لم يؤنس استعمالها. والوحشى قسمان: غريب حسن، وغريب قبيح. فالغريب الحسن: هو الذى لا يعاب استعماله على العرب؛ لأنه لم يكن وحشيا عندهم، وذلك مثل: شرنبث واشمخر واقمطر. وهى فى النظم أحسن منها فى النثر، ومنه غريب القرآن والحديث. والغريب القبيح: يعاب استعماله مطلقا، ويسمى الوحشى الغليظ، وهو: أن يكون مع كونه غريب الاستعمال ثقيلا على السمع كريها على الذوق ويسمى المتوعر (?) أيضا» أه.

وقال عبد الحكيم السيالكوتي- رحمه الله- تعقيبا على قول السعد: «فالغريب الحسن هو الذى لا يعاب استعماله على العرب. اعلم أن الألفاظ على ثلاثة أقسام: منها ما هى مستعملة مطلقا كالأرض والسماء، فلا يعاب استعماله على أحد، ومنها ما هى مستعملة فى العرب العرباء غير مستعملة فى غيرهم، فلا يعاب استعمالها عليهم ويعاب على غيرهم، ومنه غريب القرآن والحديث- ومنها ما هى غير مستعملة مطلقا، فيعاب استعمالها على الكل، فمنه ما هو كريه على الذوق والسمع كجحيش (?)، ومنه ما هو غير مكروه كتكأكأتم وافرنقعوا» (?)، وإليه أشار الشارح رحمه الله بقوله- فيما سيأتى فى وجه النظر- من أن الجرشى (?) إما من قبيل تكأكأتم أو جحيش، فعلم مما ذكرنا أن قوله:

والوحشى قسمان ليس المقصود منه الحصر بل مجرد إطلاق الغريب على الوحشى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015