الحديث هو من المشكل الذى لا يدرى معناه، من قبيل أن الحرف من المشترك اللفظى، فإن العرب تسمى الكلمة المنظومة حرفا، وتسمى القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا: المعنى والجهة. قاله أبو جعفر محمد ابن سعدان النحوى (?). وهو أيضا مختار السيوطى حسبما يفصح عنه قوله فى «شرح سنن النسائى»: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، والمراد به أكثر من ثلاثين قولا حكيتها فى «الإتقان»، والمختار عندى: أنه من المتشابه الذى لا يدرى
تأويله (?).
وكذلك الشيخ ولى الله الدهلوى حيث قال في «شرحه على الموطأ» ما حاصله: «إن ما تقرر عندى وترجح فى هذا الاختلاف أن ذكر السبع فى الحديث لبيان الكثرة لا للتحديد» (?).
وبين قائل: هى سبعة مفسرة، ثم يتعدد القول فى تفسيرها حتى تبلغ الأقوال بعد القولين الآنفين ثمانية وثلاثين عددا فيتممها أربعين على ما عددها السيوطى.
ونحن بطبيعة الحال ليس من مقصودنا فى هذه الصفحات أن نستقصى جميع الأقوال مع ضعف أكثرها، بل مقصودنا تجلية المعنى المقصود بالأحرف السبعة، وتحقيق القول فيها، وسبيلنا إلى تحقيق هذه الغاية أن نسوق بعض الروايات الفصل عن النبى صلّى الله عليه وسلم فى قضيتنا هذه، لنستخلص منها ما يهدينا- إن شاء الله- إلى الصواب، على نحو ما صنع شيخ أشياخنا الزرقانى فى «مناهله»، وقد استوعب الروايات فى هذه المسألة- أو كاد- الحافظ ابن كثير فى كتابه «فضائل القرآن» من ص 16 حتى ص 21. وسنقتصر من ذلك على أيسر ما يتم به مقصودنا:
روى الشيخان- واللفظ للبخارى- عن ابن عباس- رضى الله عنهما: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «أقرأنى جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدنى حتى انتهى إلى سبعة أحرف». زاد مسلم: قال ابن شهاب: بلغنى أن تلك السبعة الأحرف إنما هى فى الأمر الذى يكون واحدا لا يختلف فى حلال ولا حرام (?).
حديث آخر: روى الشيخان- واللفظ للبخارى- من فضائل القرآن عن عمر بن الخطاب يقول: «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان فى حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكدت أساوره فى الصلاة، فتصبرت حتى سلّم، فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة