بنظم الحروف وبكتبها، ويبقى عند المكتوب والحفظ ويقوم باللوح المحفوظ وبكل مصحف وكل لسان. ومع هذا فهو واحد لا يزداد بازدياد المصاحف ولا ينتقص بنقصانها ولا يبطل ببطلانها.
والحاصل أنه انتظم من هذه المقدمات قياسان: ينتج أحدهما قدم كلام الله تعالى، وهو أنه من صفات الله وهى قديمة، والآخر حدوثه، وهو أنه من جنس الأصوات وهى حادثة. فاضطر القوم إلى القدح فى أحد القياسين. ومنع بعض المقدمات ضرورة امتناع حقية النقيضين فمنعت المعتزلة كونه من صفات الله، والكرامية كون كل صفة قديمة، والأشاعرة كونه من جنس الأصوات والحروف، والحشوية كون المنتظم من الحروف حادثا.
ولا عبرة بكلام الكرامية والحشوية، فبقى النزاع بيننا وبين المعتزلة وهو فى التحقيق عائد إلى إثبات كلام النفس ونفيه، وأن القرآن هو هذا المؤلف من الحروف الذى
هو كلام حى، وإلا فلا نزاع لنا فى حدوث الكلام الحسى، ولا لهم فى قدم النفسى لو ثبت، وعلى البحث والمناظرة فى ثبوت الكلام النفسى، وكونه هو القرآن ينبغى أن يحمل ما نقل من مناظرة أبى حنيفة وأبى يوسف ستة أشهر، ثم استقرار رأيهما على أن من قال بخلق القرآن فهو كافر. (?)
أ. د/ إبراهيم عبد الرحمن خليفة