(القرآن) عن القرينة فيحمل على معنى تمام المجموع الذى هو علم الشخص، ويحمل أيضا عليه عند وجود القرينة المحتمة له كما فى قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ. أما إذا وجدت القرينة الصارفة له عن هذا المعنى فيحمل على اسم الجنس كما فى قوله تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ؛ لأنه من المعلوم أن الاستماع مطلوب لبعض القرآن كما هو مطلوب لمجموعه. ولقد كان للقرينة دورها فى حمل لفظ (القرآن) على أحد المعنيين؛ لأن شأن المشترك كذلك، لأنه من قبيل المجمل المحتاج للقرينة لتبينه.
ووقوع لفظ (القرآن) نكرة فى سياق النفى وشبهه كالشرط والاستفهام قرينة صارفة له عن المعنى الشخصى إلى الجنسى بسبب العموم الذى عرض له فى هذا السياق.
وكذلك فى سياق الإثبات لتبادر الإطلاق الصالح لأن يقال على كل فرد من أفراد جنسها على سبيل البدل كما فى قوله تعالى:
وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ.
ولقد نبه العلامة الفنارى على التلويح أن إطلاق المعنى الجنسى (للقرآن) على أبعاضه حقيقة؛ وذلك لأن إطلاق العام وإرادة الخاص لا بخصوصه لا تخرجه عن حيز الحقيقة، إنما المخرج هو إرادة الخاص بخصوصه، وذلك لبقاء المعنى الكلى فى الإطلاق الأول، وهو الحقيقة فى اسم الجنس وعدم بقائه فى الثانى لإرادة الجزئى الذى ينافى معنى الكلى.
النقوش الموجودة فى المصحف الدالة على ألفاظ القرآن لا على نفسها هى أحد الوجودات الأربعة وهى الوجود فى خطّ البنان، وهذه الألفاظ المنقوشة تعطى حكم نفس الألفاظ عرفا وشرعا.
ولعل من السهولة بمكان تعريف (القرآن) باعتباره نقشا مرقوما كعلم شخص أو اسم جنس، فالأول مثل قولنا: (ما بين دفتى المصحف من أول سورة الحمد إلى آخر سورة الناس). والثانى مثل قولنا: (مطلق ما فى المصحف ... ).
ولقد اتفقت الأمة على صحة إطلاق (القرآن) بالاعتبارين السابقين.