قلت: والذي يبدو لي -والله تعالى أعلم- أن الأصل على بقاء الحُكم بالتخيير، وهذا التخيير قائمٌ على تقدير المصلحة، والنسخ المذكور هو إعادة إلى أصل الأمر؛ وهو التحاكم إلى شرع الله، ولكن إذا كان هناك تلعّبٌ وأهواء، ورجّح الحاكم الإعراض عن طَلَبِهم؛ فله ذلك، ففي السياق القرآني ما يُبِّين هذا، وذلك لأنهم قالوا {إنْ أُوتِيتُمْ هَذَا} أي: الجلد والتحميم {فَخُذُوهُ} أي: اقبلوه، {وَإن لمْ تُؤتَؤهُ فَاَحذَرُوا} أي: مِن قَبوله واتّباعه. {سَمّاَعُونَ لِلكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (?).
فلأجل تلاعبهم وأهوائهم، ولأنهم لا يقصدون بتحاكمهم إلى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتّباع الحق واجتناب الضلال، بل ما وافَق أهواءهم، لأجل ذلك قال الله -تعالى-: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} (?).
تعريفها: مِن جزأت الشيء: إذا قَسمْته، ثمّ سُهّلت الهمزة، وقيل: مِن الجزاء، أي: لأنها جزاء ترْكِهم ببلاد الإسلام، أو مِن الإجزاء؛ لأنها تكفي مَن توضَع عليه في عصمة دمِه (?).
فالجزية: مبلغٌ مِن المال، يُؤخَذ من الكافر؛ لإقامته بدار الإسلام في كل