"وفيه دليل على وجوب تقديم دعاء الكفار إلى الإسلام قبل المقاتَلَة".
وفي المسألة ثلاثة مذاهب: الأول: أنّه يَجِب تقديم دعاء الكُفّار إلى الإسلام، مِن غير فرْقٍ بين من بلَغتْه الدعوة منهم، ومن لم تبلغه، وبه قال مالك والهادوية وغيرهم، وظاهر الحديث معهم.
والمذهب الثاني: أنّه لا يَجب مطلقاً.
المذهب الثالث: أنّه يَجب لمن لم تبلغهم الدعوة، ولا يَجِب إنْ بلغَتْهم لكن يُستحَبّ.
قال ابن المنذر: وهو قول جمهور أهل العلم، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على معناه، وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف من الأحاديث.
وقال الإمام البخاري -رحمه الله-: " (باب دعوة اليهود والنصارى، وما يقاتلون عليه، وما كتب النبيّ إلى كسرى وقيصر والدعوة قبل القتال (?)) (?).
وعن ابن عون قال: كتبتُ إلى نافع، فكتَب إليّ إنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أغارَ على بني المُصْطَلِق وهم غارّون، وأنعامُهم تُسقى على الماء، فقَتَل مُقاتِلتَهم وسبى ذراريَّهم، وأصاب يومئذٍ جُوْيرية.
حدثني به عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش" (?).
وفي لفظ: قال ابن عون: "كتبتُ إلى نافعٍ أسأله عن الدعاء قبل القتال، قال: