قُتلتَ في سبيل الله، وأنت صابرٌ محُتسب، مُقبِل غيرُ مُدبر، ثمّ قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف قلت؟ قال: أرأيتَ إنْ قُتلتُ في سبيل الله أتُكفّرُ عني خطاياي، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نعم؛ وأنت صابرٌ محُتسب مُقبل غيرُ مدبر إلاّ الدَّيْن، فإنّ جبريلَ -عليه السلام- قال لي ذلك" (?).

وأمّا إذا تَعيَّن عليه الجهاد، فلا إذْن لغريمه، لأنّه تعلّق بعينِه، فكان مُقدَّماً على ما في ذمّته؛ كسائر فروض الأعيان، ولكن يُستحَبّ له أن لا يتعرض لمظانّ القتل؛ من المُبارزة، والوقوف في أول المقاتلة، لأن فيه تغريراً بتفويت الحق (?)، وإنْ ترَك وفاءً، أو أقام به كفيلاً، فله الغزو بغيرِ إذْن.

نصّ عليه أحمد، في مَن تَرك وفاءً، لأنّ عبد الله بن حرام أبا جابر بن عبد الله خرَج إلى أُحُد، وعليه دَينٌ كثير، فاستُشهِد، وقضاه عنه ابنه بعِلم النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يذمّه النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك، ولم يُنكر فِعْلَه، بل مَدَحه، وقال: "ما زالت الملائكة تُظِلّه بأجنحتها، حتى رفعتموه" (?).

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجابر: "ألا أُخبرك ما قال الله -عزّ وجلّ- لأبيك، قلتُ: بلى، قال: ما كَلَّم الله أحداً إلاّ من وراء حجاب، وكلّم أباك كِفاحاً (?) " (?).

قلتُ: أراد المصنف -رحمه الله- أن يجمع بين تلبية واجب الجهاد وأداء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015