ففي هذا الحديث مشروعية الجلد في غير الحدود -أي: التعزير-.
في الحديث المتقدّم بيان الاقتصار على عشر جلدات في غير الحدود.
قال الإِمام النووي -رحمه الله-: "اختلف العلماء في التعزير؛ هل يقتصر فيه على عشرة أسواط فما دونها، ولا تجوز الزيادة؛ أَم تجوز الزيادة؟ فقال أحمد بن حنبل، وأشهب المالكي، وبعض أصحابنا: لا تجوز الزيادة على عشرة أسواط.
وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ إِلى جواز الزيادة ... " (?).
قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" (12/ 178): "وقد اختلف السلف في مدلول هذا الحديث، فأخَذ بظاهره الليث وأحمد -في المشهور- عنه وإسحاق وبعض الشافعية.
وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة: تجوز الزيادة على العشر، ثم اختلفوا، فقال الشافعي: لا يبلغ أدنى الحدود، وهل الاعتبار بحدّ الحر أو العبد؟ قولان، وفي قولٍ أو وجه يستنبط كل تعزير من جنس حدّه، ولا يجاوزه، وهو مقتضى قول الأوزاعي: "لا يبلغ به الحدّ" ولم يفصل.
وقال الباقون: هو إِلى رأي الإِمام بالغاً ما بلغ، وهو اختيار أبي ثور.
وعن عمر أنه كتب إِلى أبي موسى: "لا تجلد في التعزير أكثر من عشرين"