بالسلطان مال لا يزَعُ بالقرآن، وإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور؛ وذلك يحصُل بالعقوبة على ترْك الواجبات وفِعْل المحرمات.
فمنها عقوبات مُقدّرة؛ مثل جلْد المفتري ثمانين، وقطعْ السارق ومنها عقوبات غير مُقدَّرة قد تُسمى "التعزير"، وتختلف مقاديرها وصفاتها بحسب كِبَر الذنوب وصِغَرها؛ وبحسب حال المذنب؛ وبحسب حال الذنب في قلّته وكثرته.
وجاء في "مجموع الفتاوى" (28/ 343): "وأمّا المعاصي التي ليس فيها حدٌّ مقدَّر ولا كفّارة؛ كالذي يُقبِّل الصبيّ والمرأة الأجنبية، أو يباشر بلا جِماع أو يأكل ما لا يحلّ، كالدم والميتة، أو يقذف الناس بغير الزنا، أو يسرق من غير حِرز، -ولو شيئاً يسيراً- أو يخون أمانته، كولاة أموال بيت المال أو الوقوف، ومال اليتيم ونحو ذلك، إِذا خانوا فيها، وكالوكلاء والشركاء إِذا خانوا، أو يغش في معاملته، كالذين يغشّون في الأطعمة والثياب ونحو ذلك، أو يطفف المكيال والميزان، أو يشهد بالزور، أو يلقِّن شهادة زور، أو يرتشي في حُكْمه، أو يحكُم بغير ما أنزل الله، أو يعتدي على رعيته، أو يتعزّى بعزاء الجاهلية، أو يلبّي داعي الجاهلية، إِلى غير ذلك من أنواع المحرمات.
فهؤلاء يعاقبون تعزيراً وتنكيلاً وتأديباً، بقدر ما يراه الوالي، على حسب كثرة ذلك الذنب في الناس وقلّته، فإِذا كان كثيراً زاد في العقوبة؛ بخلاف ما إِذا كان قليلاً، وعلى حسب حال المذنب؛ فإِذا كان مِن المدمنين على الفجور؛ زِيدَ في عقوبته؛ بخلاف المقلّ من ذلك، وعلى حسْب كِبَر الذنب وصِغَره؛ فيُعاقبُ من يتعرض لنساء الناس وأولادهم، بما لا يعاقب من لم يتعرض إِلا