قال ابن كثير -رحمه الله-: "يقول -تعالى- لنبيّه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {قُلْ للذينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا} أي: عمَّا هُم فيه من الكُفر والمشاقَّة والعِناد، ويدخلوا في الإِسلام والطَّاعة والإِنابة، {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} أي: من كُفرهم، وذنوبهم وخطاياهم؛ كما جاء في "الصحيح" من حديث أبي وائل عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "مَن أحسَن في الإِسلام، لم يؤاخذ بما عمل في الجاهليَّة، ومَن أساء في الإِسلام، أُخِذَ بالأوَّل والآخر" (?).
وفي "الصحيح" -أيضاً- أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أما علمْتَ أنَّ الإِسلام يهدم ما كان قبله، وأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحج يهدم ما كان قبله" (?).
عن أبي قلابة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أنَّ رَهطاً من عُكل -أو قال من عُرَينة، ولا أعلمه إِلا قال من عُكل- قدموا المدينة، فأمَرَ لهُم النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلقاح، وأمَرَ أنْ يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها، فشرِبوا، حتَّى إِذا بَرِئوا قَتَلوا الرَّاعي واسْتاقوا النَّعم.
فبلغ النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُدْوةً، فَبَعَثَ الطَّلبَ في إِثْرهم، فما ارتَفَعَ النَّهارُ حتَّى جيء بهم، فأمَرَ بهم فَقَطَعَ أيديهم وأرجُلَهُم وسَمَرَ أعيُنَهم، فأُلْقوا بالحرَّة يُستسقَون فلا يُسقَون" (?).