قال شيخنا -رحمه الله- (ص 296): "والحديت دليل على تحريم كسر عظم الميت المؤمن، ولهذا جاء في كتب الحنابلة: "ويحرم قطع شيء من أطراف الميت، وإِتلاف ذاته، وإحراقه، ولو أوصى به". كذا في "كشّاف القناع" (2/ 127). ونحو ذلك في سائر المذاهب، بل جزم ابن حجر الفقيه في "الزّواجر" (1/ 134) بأنّه من الكبائر، قال: "لما علمت من الحديث أنه ككسر عظم الحيّ".
قال شيخنا -رحمه الله- (ص 297): ويستفاد من الحديث السابق شيئان: الأول: حُرمة نبش قبر المسلم؛ لما فيه من تعريض عظامه للكسر، ولذلك كان بعض السلف يتحرّج من أن يُحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها، قال الإِمام الشافعي في "الأم" (1/ 245): "أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ما أُحبُّ أن أُدفن بالبقيع! لأنْ أُدفن في غيره أحبُّ إِليّ؛ إِنّما هو أحد رجلين: إِمّا ظالم؛ فلا أُحبُّ أن أكون في جواره، وأمّا صالح؛ فلا أُحبُّ أن ينبش في عظامه، قال: وإِنْ أُخرجت عظام ميّت أحببت أن تعاد فتدفن".
وقال النووي في "المجموع" (5/ 303) ما مختصره: "ولا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق (في المسألة: 109)، ومختصره: "أنه يجوز نبش القبر إِذا بلي الميت وصار تُراباً، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وهذا كلّه إِذا لم يَبْقَ للميت أثر من عظم وغيره، ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض، ويعتمد فيه قول