قال شيخنا -رحمه الله- (ص 207): "وهذه الصِّيغة من التعزية؛ وإنْ وردت فيمن شارف الموت؛ فالتعزية بها فيمن قد مات أولى بدلالة النّصّ، ولهذا قال النوويّ في "الأذكار" وغيره: "وهذا الحديث أحسن ما يعزّى به".
الثاني: عن بُرَيْدَة بن الحُصَيْبِ قال: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتعهّد الأنصار
ويعودهم ويسأل عنهم، فبلغه عن امرأة من الأنصار مات ابنها وليس لها غيره، وأنها جزعت عليه جزعاً شديداً، فأتاها النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[ومعه أصحابه، فلمّا بلغ باب المرأة قيل للمرأة: إِنّ نبيّ الله يريد أنْ يدخل يُعزِّيها.
فدخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أما إِنّه بلغني أنّك جزعتِ على ابنك؛ فأمرها بتقوى الله وبالصّبر، فقالت: يا رسول الله! [ما لي لا أجزع]؛ وإنّي امرأة رَقُوبٌ لا ألد، ولم يكن لي غيره؟!
فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الرقوب: الذي يبقى ولدها، ثمّ قال: ما من امرئٍ أو امرأةٍ مُسلمةٍ يموت لها ثلاثة أولاد [يحتسبهم]؛ إلاَّ أدخله الله بهم الجنّة. فقال عمر [وهو عن يمين النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -]: بأبي أنت وأُمّي واثنين؟! قال: واثنين" (?).
الثالث: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حينما دخل على أمّ سلمة -رضي الله عنها- عقب موت أبي سلمة: "اللهمّ اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديّين، واخلُفْه في عَقِبه في الغابرين (?)، واغفِر لنا وله يا ربّ العالمين! وافسح له في قبره، ونوِّر له