"وليس من شريعة الإِسلام الصمت عن الكلام، وظاهر الأخبار تحريمه.
قال: قيس بن أبي حازم: "دخل أبو بكر -رضي الله عنه- على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم فقال: ما لها لا تَكلَّمُ؟ قالوا: حجّت مُصمتةً، قال لها: تكلّمي فإِنّ هذا لا يحلّ، هذا من عمل الجاهلية، فتكلّمت" (?).
وعن عليّ -رضي الله عنه- قال: "حفظت عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنّه قال: لا صُمات يوم إِلى الليل" (?).
فإِنْ نذر ذلك في اعتكافه أو غيره، لم يلزمه الوفاء به، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، ولا نعلم فيه مخالفاً؛ لما روى ابن عباس قال: بينا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب إِذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أنْ يقوم ولا يقعد ولا يستظلّ ولا يتكلّم ويصوم.
فقال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مُرْهُ فليتكلم وليستظلّ، وليقعد وليُتمّ صومه" (?).
ولنا النّهي عنه، وظاهره التحريم، والأمر بالكلام ومقتضاه الوجوب، وقول أبي بكر الصدِّيق -رضي الله عنه-: "إِنّ هذا لا يحلّ، هذا من عمل الجاهلية".