وَالْقُصُورِ الْوَاسِعَاتِ فَهُوَ مِنَ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِيلاَتِ، وَمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مِنَ الْحَاجَاتِ.
وَأَمَّا مَصَالِحُ الآْخِرَةِ فَفِعْل الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ ضَرُورِيٌّ، وَفِعْل السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَاتِ مِنَ الْحَاجَاتِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ فَهِيَ مِنَ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِيلاَتِ. وَالْحَاجِيَّاتُ وَإِنْ كَانَتْ أَدْنَى رُتْبَةً مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الضَّرُورِيَّاتِ هِيَ الأَْصْل إِلاَّ أَنَّ الْحَاجِيَّاتِ مُكَمِّلَةٌ لَهَا، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَسِيلَةٌ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ. كَمَا أَنَّ تَرْكَ الْحَاجِيَّاتِ يُؤَدِّي فِي النِّهَايَةِ إِلَى تَرْكِ الضَّرُورِيَّاتِ؛ لأَِنَّ الْمُتَجَرِّئَ عَلَى الإِْخْلاَل بِالأَْخَفِّ مُعَرَّضٌ لِلتَّجَرُّؤِ عَلَى مَا سِوَاهُ، فَالْمُتَجَرِّئُ عَلَى الإِْخْلاَل بِالْحَاجِيَّاتِ يَتَجَرَّأُ عَلَى الإِْخْلاَل بِالضَّرُورِيَّاتِ.
وَلِذَلِكَ قَصَدَ الشَّارِعُ الْمُحَافَظَةَ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الثَّلاَثِ (الضَّرُورِيَّةِ، وَالْحَاجِيَّةِ، وَالتَّحْسِينِيَّةِ) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ لاَ يَرْتَابُ فِي ثُبُوتِهَا شَرْعًا أَحَدٌ مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَى الاِجْتِهَادِ مِنْ أَهْل الشَّرْعِ وَأَنَّ اعْتِبَارَهَا مَقْصُودٌ لِلشَّرْعِ، وَدَلِيل ذَلِكَ اسْتِقْرَاءُ الشَّرِيعَةِ، وَالنَّظَرُ فِي أَدِلَّتِهَا الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ، وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ الْعَامَّةِ. (?)