فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَمَطَل بِهَا جَازَ لِلإِْمَامِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ.
قَال الْقُرْطُبِيُّ: أَمَّا عُقُوبَتُهُمْ إِذَا امْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهَا مَعَ التَّمَكُّنِ فَجَائِزٌ، فَأَمَّا مَعَ تَبَيُّنِ عَجْزِهِمْ فَلاَ تَحِل عُقُوبَتُهُمْ؛ لأَِنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْجِزْيَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ (?) .
54 - الْجِزْيَةُ مِنَ الأَْمْوَال الْعَامَّةِ الَّتِي يَتَوَلَّى أَمْرَهَا الأَْئِمَّةُ وَالسَّلاَطِينُ، فَالشَّرْعُ هُوَ الَّذِي قَدَّرَ الْجِزْيَةَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيل: يُقَدِّرُهَا الإِْمَامُ.
وَالإِْمَامُ يَعْقِدُ الذِّمَّةَ وَيُطَالِبُ بِالْجِزْيَةِ وَيَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ بِاجْتِهَادِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الإِْمَامَ الْعَدْل وَكِيلٌ عَنِ الأُْمَّةِ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهَا مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَفِي تَدْبِيرِ شُئُونِهَا. قَال الْقُرْطُبِيُّ: " الأَْمْوَال الَّتِي لِلأَْئِمَّةِ وَالْوُلاَةِ فِيهَا مَدْخَلٌ ثَلاَثَةُ أَضْرُبٍ: الأَْوَّل: مَا أُخِذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى طَرِيقِ التَّطْهِيرِ لَهُمْ كَالصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ. وَالثَّانِي: الْغَنَائِمُ وَمَا يَحْصُل فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَال الْكَافِرِينَ بِالْحَرْبِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ. وَالثَّالِثُ: الْفَيْءُ، وَهُوَ مَا رَجَعَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَال الْكُفَّارِ عَفْوًا صَفْوًا