وَبَعْدَهَا لأَِنَّهَا غَيْرُ مَحْصُورَةٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ يُصَلِّيَ الرَّجُل بِالتَّيَمُّمِ إِلاَّ صَلاَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَتَيَمَّمَ لِلصَّلاَةِ الأُْخْرَى (?) .
وَهَذَا مُقْتَضَى سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلأَِنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، فَلاَ يُصَلِّي بِهَا فَرِيضَتَيْنِ، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ لِكُل فَرْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ} (?) وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْهُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ، فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؛ وَلِقَوْل ابْنِ عُمَرَ يَتَيَمَّمُ لِكُل صَلاَةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَيَمَّمَ صَلَّى الصَّلاَةَ الَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا، وَصَلَّى بِهِ فَوَائِتُ وَيَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَتَيْنِ، وَيَتَطَوَّعُ بِمَا شَاءَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ، فَإِذَا دَخَل وَقْتُ صَلاَةٍ أُخْرَى بَطَل تَيَمُّمُهُ وَتَيَمَّمَ، وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ كَوُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ يَبْطُل بِدُخُول الْوَقْتِ.
وَيَجُوزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ. صَلاَةُ الْجِنَازَةِ مَعَ الْفَرْضِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ؛ لأَِنَّ صَلاَةَ الْجِنَازَةِ لَمَّا كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ سَلَكَ بِهَا مَسْلَكَ النَّفْل فِي جَوَازِ التَّرْكِ فِي الْجُمْلَةِ.