وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} (?) وَقَدْ أَرْسَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، وَكَانَ فِيمَا أَوْصَاهُمَا بِهِ أَنْ قَال: بَشِّرَا وَيَسِّرَا وَعَلِّمَا وَلاَ تُنَفِّرَا (?) وَقَال أَنَسٌ: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا وَسَكِّنُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا (?) .
58 - عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُرَاعِيَ أَحْوَال السَّائِلِينَ، فَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ التَّحَرُّجُ وَالتَّشَدُّدُ، وَأَنْ يُحَمِّل نَفْسَهُ مَا يُرْهِقُهَا، يُفْتِي بِمَا فِيهِ التَّرْجِيَةُ، وَالتَّرْغِيبُ، وَالتَّرْخِيصُ، وَيُخْبِرُ بِمَا فِيهِ سِعَةٌ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُهُ الْقَلِيل مِنَ الْعَمَل إِنْ كَانَ خَالِصًا صَوَابًا. وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ التَّهَاوُنُ، وَالتَّسَاهُل، وَالاِنْحِلاَل مِنَ الدِّينِ يُفْتِي بِمَا فِيهِ التَّرْهِيبُ، وَالتَّخْوِيفُ، وَالزَّجْرُ، فِعْل الطَّبِيبِ بِمَنِ انْحَرَفَتْ بِهِ الْعِلَّةُ عَنْ حَال الاِسْتِوَاءِ (?) . وَكُل ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَدِّل الْمُفْتِي حُكْمًا شَرْعِيًّا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، بَل تَكُونُ فُتْيَاهُ طِبْقًا لِمُقْتَضَى الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَأُصُول الْفُتْيَا، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي عِلْمِ