عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ لِمَصَالِحَ يَعْلَمُهَا، فَيَكُونُ إِسْقَاطُهَا دَائِمًا لِمَا فِيهَا مِنَ الْمَشَقَّاتِ الْمُلاَزِمَةِ إِلْغَاءً لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ.

وَالْقِسْمِ الثَّانِي: مَشَاقَّ يَنْفَكُّ عَنْهَا التَّكْلِيفُ غَالِبًا، فَمَا لاَ يُطَاقُ مِنْهَا اقْتَضَى التَّخْفِيفَ بِالإِْسْقَاطِ أَوْ غَيْرِهِ اتِّفَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِلاَّ فَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً فَادِحَةً كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، أَوِ الأَْعْضَاءِ، فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِلتَّخْفِيفِ؛ لأَِنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ، وَالأَْطْرَافِ لإِِقَامَةِ مَصَالِحِ الدِّينِ أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِلْفَوَاتِ فِي عِبَادَةٍ أَوْ عِبَادَاتٍ يَفُوتُ بِهَا أَمْثَالُهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْمَشَقَّةُ خَفِيفَةً كَأَدْنَى وَجَعٍ فِي أُصْبُعٍ، أَوْ سُوءِ مِزَاجٍ خَفِيفٍ، فَهَذَا لاَ أَثَرَ لَهُ، وَلاَ يَتَرَخَّصُ بِهِ؛ لأَِنَّ تَحْصِيل مَصَالِحِ الْعِبَادَاتِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مِثْل هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي لاَ أَثَرَ لَهَا، وَالْمَشَقَّةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الدَّرَجَتَيْنِ مَا دَنَا مِنْهَا مِنَ الرُّتْبَةِ الْعُلْيَا أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ، أَوْ مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يُوجِبْهُ، كَحُمَّى خَفِيفَةٍ، وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مِمَّا يُخْتَلَفُ فِيهِ غَالِبًا. وَلاَ ضَبْطَ لِهَذِهِ الْمَرَاتِبِ إِلاَّ بِالتَّقْرِيبِ (?) .

قَال عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَتَخْتَلِفُ الْمَشَاقُّ بِاخْتِلاَفِ الْعِبَادَاتِ فِي اهْتِمَامِ الشَّرْعِ. فَمَا اشْتَدَّ اهْتِمَامُهُ بِهِ شَرَطَ فِي تَخْفِيفِهِ الْمَشَاقَّ الشَّدِيدَةَ أَوِ الْعَامَّةَ، وَمَا لَمْ يَهْتَمَّ بِهِ خَفَّفَهُ بِالْمَشَاقِّ الْخَفِيفَةِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015