وَهَذَا التَّيْسِيرُ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى جُمْهُورِ النَّاسِ. وَفِي الْقُرْآنِ مِنَ الأَْسْرَارِ، وَالْمَوَاعِظِ، وَالْعِبَرِ، مَا يَدُقُّ عَنْ فَهْمِ الْجُمْهُورِ، وَيَتَنَاوَل بَعْضَ الْخَوَاصِّ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَسَبِ مَا يُيَسِّرُهُ اللَّهُ لَهُمْ وَيُلْهِمُهُمْ إِيَّاهُ، يَفْتَحُ عَلَى هَذَا بِشَيْءٍ لَمْ يَفْتَحْ بِهِ عَلَى الآْخَرِ، وَإِذَا عُرِضَ عَلَى الآْخَرِ أَقَرَّهُ. (?)
ب - التَّيْسِيرُ فِي عِلْمِ الأَْحْكَامِ الاِعْتِقَادِيَّةِ:
12 - التَّكَالِيفُ الاِعْتِقَادِيَّةُ فِي الإِْسْلاَمِ مُيَسَّرٌ تَعَقُّلُهَا وَفَهْمُهَا، يَشْتَرِكُ فِي فَهْمِهَا الْجُمْهُورُ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ثَاقِبَ الْفَهْمِ وَمَنْ كَانَ بَلِيدًا، وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا لاَ يُدْرِكُهُ إِلاَّ الْخَوَاصُّ لَمَا كَانَتِ الشَّرِيعَةُ عَامَّةً؛ وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْمَعَانِي الْمَطْلُوبُ عِلْمُهَا وَاعْتِقَادُهَا سَهْلَةَ الْمَأْخَذِ. فَعَرَّفَتِ الشَّرِيعَةُ الأُْمُورَ الإِْلَهِيَّةَ بِمَا يَسَعُ الْجُمْهُورَ فَهْمُهُ، وَحَضَّتْ عَلَى النَّظَرِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ، وَالسَّيْرِ فِي الأَْرْضِ، وَالاِعْتِبَارِ بِآثَارِ الأُْمَمِ السَّالِفَةِ، وَأَحَالَتْ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الاِشْتِبَاهُ مِنَ الأُْمُورِ الإِْلَهِيَّةِ إِلَى قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (?) ، وَسَكَتَتْ عَنْ أَشْيَاءَ لاَ تَهْتَدِي الْعُقُول إِلَيْهَا.
وَمِمَّا يَدُل عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْهُمْ مِنَ الْخَوْضِ فِي هَذِهِ الأُْمُورِ مَا يَكُونُ أَصْلاً لِلْبَاحِثِينَ، وَالْمُتَكَلَّفِينَ، كَمَا