وَفِي الإِْتْقَانِ: الإِْجْمَاعُ وَالنُّصُوصُ الْمُتَرَادِفَةُ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ الآْيَاتِ تَوْقِيفِيٌّ لاَ شُبْهَةَ فِي ذَلِكَ. أَمَّا الإِْجْمَاعُ فَنَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ، وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي مُنَاسَبَاتِهِ، وَعِبَارَتُهُ تَرْتِيبُ الآْيَاتِ فِي سُوَرِهَا وَاقِعٌ بِتَوْقِيفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ خِلاَفٍ فِي هَذَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ قَال صَاحِبُ مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ: أَمَّا تَرْتِيبُ السُّوَرِ فِيمَا بَيْنَهَا، فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَمْرِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيل: هَذَا التَّرْتِيبُ بِاجْتِهَادٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَاسْتَدَل عَلَيْهِ ابْنُ فَارِسٍ بِاخْتِلاَفِ الْمَصَاحِفِ فِي تَرْتِيبِ السُّوَرِ. فَمُصْحَفُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ كَانَ عَلَى تَرْتِيبِ النُّزُول، وَمُصْحَفُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى غَيْرِ هَذَا، وَالْحَقُّ هُوَ الأَْوَّل.
ثُمَّ قَال: إِنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ الْمُتَوَارَثَ الْمُتَوَاتِرَ بِلاَ شُبْهَةٍ فِيمَا بَيْنَ الآْيَاتِ وَالسُّوَرِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى قَطْعًا. (?)
وَنَقَل الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ خِلاَفًا وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا إِلاَ أَنَّهُ قَال فِي آخِرِ كَلاَمِهِ، وَتَرْتِيبُ بَعْضِهَا بَعْدَ بَعْضٍ لَيْسَ هُوَ أَمْرًا أَوْجَبَهُ اللَّهُ، بَل أَمْرٌ رَاجِعٌ إِلَى اجْتِهَادِهِمْ وَاخْتِيَارِهِمْ؛ وَلِهَذَا كَانَ لِكُل مُصْحَفٍ تَرْتِيبٌ، وَلَكِنْ تَرْتِيبُ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ أَكْمَل. (?) (ر: الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ) .