تَغَيُّرُ الاِجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ:

6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْمُصَلِّي فِي الْقِبْلَةِ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى - وَكَانَ فِي الصَّلاَةِ - اسْتَدَارَ إِلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ وَأَتَمَّ الصَّلاَةَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَهْل قُبَاءَ لَمَّا بَلَغَهُمْ تَحْوِيل الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ اسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَأَتَمُّوا صَلاَتَهُمْ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالإِْعَادَةِ (?) ، وَلأَِنَّ الصَّلاَةَ الْمُؤَدَّاةَ إِلَى جِهَةِ التَّحَرِّي مُؤَدَّاةٌ إِلَى الْقِبْلَةِ لأَِنَّهَا هِيَ الْقِبْلَةُ، حَال الاِشْتِبَاهِ، وَلأَِنَّ تَبَدُّل الرَّأْيِ فِي مَعْنَى انْتِسَاخِ النَّصِّ، وَهَذَا لاَ يُوجِبُ بُطْلاَنَ الْعَمَل بِالْمَنْسُوخِ فِي زَمَانِ مَا قَبْل النَّسْخِ.

وَيَشْتَرِطُ الْمَالِكِيَّةُ لِهَذَا شَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي أَعْمَى، وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ انْحِرَافُهُ عَنِ الْقِبْلَةِ قَبْل تَغَيُّرِ الاِجْتِهَادِ يَسِيرًا، أَمَّا إِذَا كَانَ بَصِيرًا أَوْ كَانَ انْحِرَافُهُ عَنِ الْقِبْلَةِ كَثِيرًا، فَيَقْطَعُ صَلاَتَهُ وُجُوبًا، وَيُصَلِّي إِلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ.

وَيَرَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمُ الآْمِدِيُّ أَنَّهُ لاَ يَنْقُل مِنْ جِهَتِهِ الأُْولَى، وَيَمْضِي عَلَى اجْتِهَادِهِ الأَْوَّل، لِئَلاَّ يُنْقِضَ الاِجْتِهَادَ بِالاِجْتِهَادِ. وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرُ الاِجْتِهَادِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الْخَطَأُ يَقِينًا، فَلاَ يُعِيدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015