وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ: فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَلاَ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَقْفِ فِيمَا لاَ يُضَاهِي التَّحْرِيرَ، كَقَوْلِهِ: إِِذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْتُ كَذَا عَلَى كَذَا؛ لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْل الْمِلْكِ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَالاً كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ.
أَمَّا مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ، كَجَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إِِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَمَحَل ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِالْمَوْتِ، فَإِِنْ عَلَّقَهُ بِهِ كَوَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِِنَّهُ يَصِحُّ. قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَوْل الْقَفَّال: لَوْ عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ كَانَ رُجُوعًا. (?)
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ: فَلَمْ يُجَوِّزُوا تَعْلِيقَ ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ، مِثْل أَنْ يَقُول: إِِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَدَارِي وَقْفٌ أَوْ فَرَسِي حَبِيسٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ وَلأَِنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ فِيمَا لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ كَالْهِبَةِ.
وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا.
وَسَوَّى الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَ تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ وَتَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ.
وَأَمَّا تَعْلِيقُ انْتِهَاءِ الْوَقْفِ بِوَقْتٍ كَقَوْلِهِ: دَارِي وَقْفٌ إِِلَى سَنَةٍ، أَوْ إِِلَى أَنْ يَقْدَمَ الْحَاجُّ، فَلاَ يَصِحُّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لأَِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى