فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ بَابِ الشَّرْطِ، لإِِِبْهَامِهَا، فَإِِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لاَ يَتَنَاوَل عَيْنًا. وَتَحْقِيقُهُ: أَنَّ (مَنْ وَمَا) لإِِِبْهَامِهِمَا دَخَلاَ فِي بَابِ الْعُمُومِ، فَلَمَّا كَانَ الْعُمُومُ فِي الشَّرْطِ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ، وَتَخْصِيصُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الأَْفْرَادِ بِالذِّكْرِ مُتَعَسِّرٌ أَوْ مُتَعَذِّرٌ وَ (مَنْ وَمَا) يُؤَدِّيَانِ هَذَا الْمَعْنَى مَعَ الإِِْيجَازِ وَحُصُول الْمَقْصُودِ، نَابَا مَنَابَ إِنْ، فَقِيل: مَنْ يَأْتِ أُكْرِمْهُ، وَمَا تَصْنَعْ أَصْنَعْ. وَالْمَسَائِل فِيهِمَا كَثِيرَةٌ مِثْل قَوْلِهِ: مَنْ دَخَل هَذَا الْحِصْنَ فَلَهُ رَأْسٌ، وَمَنْ دَخَل مِنْكُمْ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ. وَأَمَّا إِِذَا كَانَ لِلشَّرْطِ فَهُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى أَيْ: تَقُول: مَا تَصْنَعْ أَصْنَعْ. (?) وَفِي التَّنْزِيل. {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (?) {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا} (?) .

14 - وَأَمَّا (مَا) الْمَصْدَرِيَّةُ، فَإِِنَّهَا تُسْتَعْمَل فِي الْفِقْهِ، وَيُقَيَّدُ بِهَا التَّصَرُّفُ تَقْيِيدَ إِضَافَةٍ لاَ تَعْلِيقٍ، كَمَا جَاءَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ؛ لأَِنَّهَا تَنُوبُ عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} (?) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِي حَيًّا.

وَعَلَى هَذَا لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، وَسَكَتَ، وَقَعَ الطَّلاَقُ اتِّفَاقًا بِسُكُوتِهِ؛ لأَِنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015