بَيْنَ الْحِرَفِ الشَّرِيفَةِ، مِنْ عِلْمٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ زِرَاعَةٍ. . إِلَخْ وَلَهُمْ فِي اتِّجَاهَاتِهِمُ الْمُخْتَلِفَةِ فِيمَا هُوَ أَشْرَفُ اسْتِدْلاَلٌ بِأَحَادِيثَ وَوُجُوهٌ مِنَ الْمَعْقُول ظَنِّيَّةُ الْوُرُودِ أَوِ الدَّلاَلَةِ، وَلَعَل فِي آرَائِهِمْ تِلْكَ مُرَاعَاةً لِبَعْضِ الأَْعْرَافِ وَالْمُلاَبَسَاتِ الَّتِي كَانَتْ سَائِدَةً فِي زَمَانِهِمْ، وَنَجْتَزِئُ بِهَذِهِ الإِْشَارَةِ عَنْ إِيرَادِ الاِتِّجَاهَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
8 - لَقَدْ حَرَصَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْدِيدِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ لِيَبْقَى مَا وَرَاءَهَا مِنَ الْحِرَفِ شَرِيفًا. فَقَالُوا: الْحِرَفُ الدَّنِيئَةُ هِيَ كُل حِرْفَةٍ دَلَّتْ مُلاَبَسَتُهَا عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ (?) . وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اعْتِبَارِهِمُ الْحِرَفَ الْمُحَرَّمَةَ، كَاحْتِرَافِ الزِّنَا وَبَيْعِ الْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، حِرَفًا دَنِيئَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ سَلَكَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ - فِيمَا عَدَا الْمُحَرَّمَةِ مِنْهَا - مَسْلَكَيْنِ:
الأَْوَّل: تَحْدِيدُهَا بِالضَّابِطِ، وَمِنْهُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّ كُل حِرْفَةٍ فِيهَا مُبَاشَرَةُ نَجَاسَةٍ هِيَ حِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ. (?) الثَّانِيَ: تَحْدِيدَهَا بِالْعُرْفِ، وَهُوَ مَسْلَكُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ (?) أَيْضًا، وَاجْتَهَدُوا اسْتِنَادًا إِلَى الأَْعْرَافِ السَّائِدَةِ فِي