وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْحَالاَتِ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ حَصْرًا لِلْحَالاَتِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا التَّسْعِيرُ، بَل كُلَّمَا كَانَتْ حَاجَةُ النَّاسِ لاَ تَنْدَفِعُ إِلاَّ بِالتَّسْعِيرِ، وَلاَ تَتَحَقَّقُ مَصْلَحَتُهُمْ إِلاَّ بِهِ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْحَاكِمِ حَقًّا لِلْعَامَّةِ، مِثْل وُجُوبِ التَّسْعِيرِ عَلَى الْوَالِي عَامَ الْغَلاَءِ كَمَا قَال بِهِ مَالِكٌ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا. (?)

الصِّفَةُ الْوَاجِبُ تَوَافُرُهَا فِي التَّسْعِيرِ:

16 - إِنَّ الْمُتَتَبِّعَ لِلنُّصُوصِ الْفِقْهِيَّةِ وَآرَاءِ الْفُقَهَاءِ يَجِدُ أَنَّهُ لاَ بُدَّ لِفَرْضِ التَّسْعِيرِ مِنْ تَحَقُّقِ صِفَةِ الْعَدْل؛ إِذْ لاَ يَكُونُ التَّسْعِيرُ مُحَقِّقًا لِلْمَصْلَحَةِ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ، وَلاَ يَمْنَعُ الْبَائِعَ رِبْحًا، وَلاَ يُسَوِّغُ لَهُ مِنْهُ مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ (?) .

وَلِهَذَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ عِنْدَمَا رَأَى التَّسْعِيرَ عَلَى الْجَزَّارِينَ أَنْ يَكُونَ التَّسْعِيرُ مَنْسُوبًا إِلَى قَدْرِ شِرَائِهِمْ، أَيْ أَنْ تُرَاعَى فِيهِ ظُرُوفُ شِرَاءِ الذَّبَائِحِ، وَنَفَقَةُ الْجِزَارَةِ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ يُخْشَى أَنْ يُقْلِعُوا عَنْ تِجَارَتِهِمْ، وَيَقُومُوا مِنَ السُّوقِ.

وَهَذَا مَا أَعْرَبَ عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ مِنْ أَنَّ التَّسْعِيرَ بِمَا لاَ رِبْحَ فِيهِ لِلتُّجَّارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015